سام الغُباري
أيديولوجيًا.. تمتع نظام آيات الله في إيران بالوفرة الزمنية الطويلة «40 عامًا» لتعبئة جيل كامل من «المجاهدين الصامتين» بكراهية الغرب، مستندًا إلى عقائد تدميرية للآخر سواءً كان هذا الآخر هم المسلمين السُنّة أو الغرب بمن فيه من مسيحيين ويهود وغيرهم. يسكن إيران قرابة 80 مليون إنسان، تُركوا هناك وسط سياج من تعاليم الكراهية اليومية. خلال أكثر من 21 مليون دقيقة قضاها الإيرانيون وسط آلات دعائية ضخمة تتوزع بوسائل اتصال جماهيرية، كلها تتحدث عن «الشيطان الأكبر» الذي يعمل في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. ولا تزال الدعاية مستمرة..
أسأل نفسي أحيانًا: لماذا اختار السيدان «سايكس وبيكو» الأرض العربية لتقسيمها؟ -شخصيًا أنا مع ذلك الاتفاق لأنه منح بلدي «اليمن» دولة كانت غائبة منذ عشرة قرون- لكن وقد حدث الأمر وتكوَّنت الدول الوطنية في المناطق العربية، يعود السؤال مرة أخرى: لماذا يفكر الغرب في إعادة ترسيم خارطتنا بعد مئة عام من تشكل الدول الوطنية، هل النفط أم إسرائيل؟
حين تضع أصبعك وتشير إلى مناطق الخطأ في خارطة الشرق الأوسط اليوم تجد أن الشعب الكُردي يستحق انتباهًا عالميًا لقضيته وأحلامه في تشكيل دولة وطنية خاصة به. هذا الأمر مزعج لبعض الدول مثل سورية والعراق وتركيا، لكنه مُدمّر بالنسبة إلى إيران.. كيف؟
سأقول لكم..
بديهيًا.. يمثِّل نظام آيات الله في طهران خطرًا وجوديًا للعرب وللغرب أيضًا، هذه مقولة غير استهلاكية، فالأذرع الميليشاوية التي يصدّرها ويموّلها نظام الثورة الإيرانية ويأبى معها التحول إلى دولة طبيعية نابعٌ من تشكيلة العقائد الثأرية لحُكّام طهران الإرهابيين، تقودنا تلك التطلعات المسلحة إلى شيء واحد هو الحرب ضد العرب. غربيًا؛ ونعني بذلك أوروبا وأميركا، يوغر «خامنئي» صدور شيعة بلاده ومن يواليهم عربيًا، يفوق تعدادهم أكثر من 90 مليون شيعي يرددون عبارة «الموت لأميركا»، إن لم يكن علنًا فإنهم يرددونها سرًا. وبمجرد تمكّن «طهران» من تحويل التيار الشيعي إلى تنظيم سياسي وعسكري، سيُصدم العالم بأنهم أمام جيش أيديولوجي عابر للحدود الوطنية تموّله آبار نفط النظام الإيراني.
حين تعود بإصبعك للتفتيش عن منابع النفط في إيران التي تعتبر رابع أكبر بلد في إنتاج الطاقة النفطية عالميًا ستجدها تتركَّز كاملة في المناطق الكردية - الإيرانية، وبمجرد نزع تلك الجغرافيا عن طهران سيجد الإيرانيون أنفسهم -مضطرين- للبحث عن بدائل «نظيفة» للعيش.
الإيرانيون الموالون لأفكار خامنئي المتطرفة يعيش جزءٌ كبيرٌ منهم في شوارع أوروبا وأميركا، وبطبيعة الشيعة الطائعة لمرشدهم الديني الأكبر يستطيع «خامنئي» أن يحوّلهم إلى قنابل جسدية متحرِّكة تُفجِّر نفسها في كل المناطق الحيوية الغربية بإشارة واحدة من إصبعه. إن مقارنة سريعة بين تنظيمي القاعدة أو «داعش» اللذين أثارا الرعب في العالم وتنظيم «التشيّع» الذي تشبَّع بإيمان مطلق أن أميركا تجسِّد الشيطان الأكبر وأن زوالها هدف إستراتيجي لهم، سيجعل أسامة بن لادن وأبوبكر البغدادي وأيمن الظواهري شخصيات محدودة الخطر والتأثير، مقابل انفلات إرهابي شامل لأكثر من 90 مليون متشيِّع يتوارون خلف عقائدهم الأشد تطرفًا وعصبيةً وإرهابًا.
العقوبات الاقتصادية لا تكفي، فقدرات «الالتفاف» عليها تجعل «روحاني» يصرِّح بها أمام وسائل الإعلام.. وإسقاط النظام يواجه صعوبة التعصب القومي الفارسي من الداخل، وهو لن يغني الكثير، بل سيسهم في توسع الإرهابيين على طول الجبال الإيرانية الشاهقة. تغيير الجغرافيا قد يكون الفكرة الأقل كلفةً والأكثر ربحًا، أن يُمنح الشعب الكردي الخاضع لسيطرة طهران أملاً وطنيًا يحقق دولتهم الوطنية مع بقية مواطنيهم في البلدان الأخرى مغامرة تستحق العناء.
إذا وقف الغرب مكتوفًا وحائرًا أمام التجييش الشيعي على مناطق الجزيرة العربية فإن إيران لن تكافئهم ببرميل نفط واحد، بل ستضيف 10 ملايين برميل أخرى إليها لتصبح المُصدِّر الأول للنفط في العالم بمقدار يقارب 19 مليون برميل نفط، وبحساب النفط العراقي الذي يصب في خزائن البنوك الإيرانية لتشكيل وتسليح الجيوش الميليشاوية الموالية لها، سنقول لكل أميركي إن عليه توقّع مئات الآلاف من الإرهابيين الذين يتجوّلون في شوارع بلادهم يهتفون «الموت لأميركا».
هذا المقال نافذة، فكرة، أتمنى أن يقرأها المهتمون بتفاعل يُضيف إليها ما يغنيها ويدفعها إلى واجهة الاهتمام، فعدو أميركا والغرب ليس العرب ولا التيارات المعبِّرة عن الإسلام السُّني التي كانت على الدوام شريكًا محترمًا للأديان الأخرى، العدو في طهران الذي يشفط أنهار النفط الكردي رغبة في إيذاء العالم.