د.شريف بن محمد الأتربي
تقترب ساعات عام 2020 من الرنين لتعلن بدء مرحلة جديدة من مراحل حياتنا كما عشنا قبل عشرين عامًا. ففي عام 1999 ومع دقات الساعة الثانية عشرة صباحًا كان العالم كله ينتظر هذا الحدث بشغف كبير حيث روجت وسائل الإعلام الغربية والعالمية أننا في هذه اللحظة سنعود مائة عام للوراء في كل بيانات أجهزة الحاسب الآلي، موضحة أن جميع الأجهزة تم معالجتها لتعمل تاريخيًا حتى 1999 ولم تهيئ لما بعد ذلك.
وتعرف هذه المشكلة بمشكلة Y2K، خطأ الألفية، خطأ Y2K، حيث كان المبرمجون قد اعتمدوا في إدخال الأرقام إلى الحاسب الآلي في مجال البرمجة على طريقة تخزين أرقام السنة التي تتكون من أربعة أرقام إلى رقمين فقط لتقليل كمية الذاكرة المستهلكة؛ حيث يتم تمثيل سنة 1998 إلى 98، وسنة 1999 تم تخزينها على هيئة 99، ولا تكمن المشكلة هنا؛ فالحاسب يعرف أن 98 تتلوها 99 ويتم عرضها 1999، لكن المشكلة بوصول عام 2000 سيصبح هذين الرقمين هما 00 مما يؤدى إلى كتابتها 1900، وجاءت اللحظة الحاسمة والكل يترقب الخسائر التي قد تلحق بالاقتصاد العالمي وكم البيانات التي سيتم فقدانها. في نفس هذا الوقت كانت هناك شركات أخرى تعمل على الاستفادة من الحدث سواء بعرض حفظ وتخزين البيانات للشركات والمؤسسات بل حتى للدول، ففي ذاك الوقت لم يكن التخزين عبر السحابيات مطروقًا ومعروفًا، وقد جنت هذه الشركات مليارات الدولارات نتيجة سبقها للحدث وحُسن التعامل معه، لتأتي اللحظة المنشودة وليكتشف العالم أن ما روج له هو الخديعة الكبرى في ذلك الوقت فأجهزة الكمبيوتر لم تتأثر حيث تم معالجة المشكلة منذ عام 1997 حينما، طوّر معهد المعايير البريطاني (BSI) معيار DISC PD2000-1، الذي يحدد متطلبات المطابقة لسنة 2000.
فسنة 2020 هي تكرار يندر حدوثه سوى كل ألف وعشر سنوات ولا أعتقد أن أحدًا على وجه الأرض قد عاصر سنة 1010 ليروي لنا أحداثها؛ وما يهمني هنا بعد هذه المقدمة أن سنة 2020 تمثل نقطة مفصلية في حياتنا كونها العقد الأخير قبل رؤية المملكة 2030 ومن المفترض أن جميع الجهات المعنية تدرك ذلك وتعمل على تحقيقه ولا تنظر إلى هذه الفترة الزمنية أنها طويلة نسبيًا فالأيام تمر سريعًا تطوي بعضها بعضًا لتأتي السنة تتلوها السنة ونفاجئ أننا مازالنا في 2020 أو ربما رجعنا للوراء وسرنا عكس التيار ولم نحقق أهداف جيل كامل يتطلع إلى رؤية 2030.
إن التخطيط الجيد والمتابعة الدائمة والمرونة في اتخاذ القرارات وترتيب الأولويات وحُسن اختيار القيادات والعمل الجماعي هي مفاتيح من مفاتيح عدة تساعد على بلوغ الأهداف المنشودة؛ فلنجعل نصب أعيننا أن عام 1999 ليس ببعيد عنا وأن العالم كله كان ينتظر السيء من عام 2000 في مجال التقنية والاقتصاد ولكننا يمكن -إن تدبرنا أمرنا مبكرًا- أن نجعل العالم أيضًا ينتظر المملكة 2030 وماذا ستفرز لنا رؤيتها كما جعلناه مشدوهًا بموسم الرياض وهو حدث ترفيهي فما بالك إذا كانت نظرة العالم ستشمل المملكة كلها من جميع النواحي الصحية والرياضية والطرق والمواصلات والاقتصاد و...
أيها المسؤولون شمروا على سواعد الجد فإن 2030 قد باتت قريبة جدًا أقرب مما تتخيلون ولا تجعلوا شمسها تشرق إلا وأنتم فخورون بما أنجزتم لوطنكم في ظل دعم لا محدود من حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -يحفظهما الله- وكذلك دعم المواطنين الكامل للتغيير الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان بنفسه.