د. خيرية السقاف
هربتْ من شظايا الأرض والبشر
عزفَتْ قيثارة «ألحان في خاطرها»*
وقبل أن تعرف الحزن بفطرة سني العمر الغض
تحررتْ من واقع الدنيا المبتذل!!..
***
وكلما أوغل القطار في السير تهرب لعزلتها
مع زهرة فل، وتهادي سحابة، واحتكاك جناحي طير، وولادة غصن
حيث انعتاق آخاذ من واقع مبتذل!!..
***
مع سعة الأرض، وتنوع جغرافيتها
رغم المسافات المتاحة تحت قدميها، ومرأى ناظريها، وألوان البشر في عينيها،
يزداد شغف قيثارتها للعزف بعيدًا عن واقع مبتذل!!..
***
عطر الزهور، كلام المطر، أصوات الطبيعة، أنين المريض،
الحقول الملونة، الحصى اللامع في دعابة الزخات، حداء الناي، الزئير، العندلة،
الخرير، بهجة الفرح، والدهشة، والفطرة، والخضرة، والشذى، والنسمة،
تعتقها من واقع مبتذل!!..
***
وتتشكل الأحزان ضفائر ممشوقة في هامة الحس
كلما حدث تماس بين الانعتاق الملهِم، والواقع النفعي
يشتد أوار الخاطر، ويهدر الشلال، وتتبدى تفاصيل
ويكبر الواقعُ المبتذل!!..
***
تمضي السنون، فيوغل الابتذال في التيه، في النمو، في الامتداد، والتجذر،
يُغرق الواقع في الحاجة، والنفعية،
وحيث يحتك بالطبيعة يجرحها بوخز أشواكه، يحرقها بحرقة جمره
ويغدو لها الانعتاق الكلي محض مأزق
ومجرد عزف حروف، وشغف خاطر، ووهم حلم.!!..
***
يا طيور، يا شجر، يا بحر، يا زهور، يا نمل، يا قبرات، يا مروج، يا هضاب، يا سحب، يا نحل، يا حطب، يا قوافل الإبل، وأسراب العصافير، يا لمعة الماء، يا صهيل الأحصنة، يا نهيق الحمار، يا رائحة العشب، يا حشرجة الخريف، يا زمهرير الشتاء، وبهجة الربيع،
يا ألوان الطبيعة، ابقوا المنْعَتَق من واقع مبتذل..
* «ألحان في خاطري» عنوان مقالات في مبتدأ العزف.