يعتبر هذا الموضوع مختلف عما سبق من مواضيع من جهة أن ما سبق من مواضيع يعتمد فيها عند تحديد الموقع على الأبعاد والاتجاهات والوصف الطبعي (الطبوغرافي) أما موضوعنا هذا فإن قياس الأبعاد يشق فيه لأن السير في الرمل يختلف عن السير في الأرض الصلبة، حيث يحتاج السير في الرمل إلى ما يُسمى (الخل) وهو الطريق في الرمل الذي يكون سلساً ولا تعترضه الرمال المرتفعة والأنقية والعروق والحبال مما يقتضي -في بعض الأحيان - إلى إضافة مزيد من الأميال والكيلومترات خلافاً للسير في كثير من الأرض الصلبة التي يكون السير فيها على السمت المباشر ما لم يعترض الطريق عوائق طبيعية مثل الجبال والأودية العميقة وغير ذلك.
وطريقنا من منزل النباج (قرب البرقا)، حيث يوجد فيها البركة التي انطمرت منذ أمد خلافاً للأكثر الذين اعتمدوا في قياساتهم للأميال من عين ابن فهيد التي تختلف في تضاريسها عن البرقا من حيث أن بعد الرمل عنها أكبر وهي داخلة باتجاه الغرب أكثر خلافاً للبرقا قرب قصر مارد الذي كثر القول فيه وحيكت حوله الأساطير وهو قريب جداً من البركة مما يؤيد أنه جزء من منزل النباج نفسه وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التحرير أما البيصية فهي من وجهة نظري المنزل الذي يلي النباج ويؤيد ذلك أنها مسبوقة بحبل ومتلوة بحبل يسميان حالياً عرق البيصية الشرقي والغربي على التوالي وفاقاً لمربخ ومضرط الذين وصفا أنهما قبل وبعد السمينة كما أن النقع لا يوجد به إلا بئر واحدة خلافاً للبيصية التي بها العديد من الآبار كما هو وصف السمينة ويساعد ذلك كونها على السمت المناسب مع الينسوعه (الأجردي) وبركتها التي تلي الرمل شرقاً (للمتجه للبصرة) خلافاً للنقع التي تنحرف شمالاً عن هذا السمت وقد أورد نصر الأسكندري في كتابه الأمكنة والمياه والجبال ج2 ص378: (القنع: وأما بفتح القاف والنون: ماء بين حبل مربخ والثعلبية..) كما أورد وكيع في كتاب الطريق ص 52: (وعلى ثلاثة أميال من الثعلبية بركة وقباب ومسجد والبركة مدورة تسمى القنعة وهي قنعة خفاف -إلى قوله- وأول الرمل الغليظ مع البريد وهو ميلان وشيء يقال له مربخ..).
ويقول وكيع أيضاً في كتاب الطريق ص 582 : (والسمينة بين مضرط ومربخ ينحدر من أحدها ويصعد في الآخر).
وهذا يدل على أن القنع هو أحد موارد طريق حاج الكوفة وأنه يتماس مع طريق حاج البصرة في مربخ فإن النقع يتفق مع القنع حتى بالاسم مع تقديم وتأخير في القاف والنون والأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة لطريق الحاج الكوفي ومروره بالمنطقة.
وقد ذهب الاستاذ محمد بن ناصر العبودي إلى أن البيصية هي السمينة وتابعه الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-.
أما النقع فقد ذهب الأستاذ محمد بن فالح السبيعي إلى أنها السمينة وذلك في مقال نشرته جريدة الوطن بتاريخ 1424/11/28هـ أي أنه أول من ذهب إلى ذلك.
وقد ذهب كذلك الأستاذ عبد الله الشايع –رحمه الله-ومرافقه السهلي في مقال نشر في جريدة الرياض في 1427/1/25هـ أن النقع هي السمينة وقد تابعهم الأستاذ عوض ابن صالح السرور في كتابه طريق الحاج البصري بين النباج والرقعي.
** **
- عبدالله بن عبدالرحمن الضراب