محمد بن عبدالله آل شملان
إطلاق وزارة التعليم مبادرة التحول الرقمي (بوابة المستقبل) قبل عامين هو ثورة بما تحمله تلك الكلمة من معانٍ دون مبالغة أو تهويل، وهي ثورة متأخرة، وكان من نتيجة تأخرها ترهل الأداء التعليمي، وتضارب بيانات معلميه وطلابه، ووجود فجوات بين متابعة الأسرة لمستويات أبنائها، وعدم وجود قاعدة بيانات تعليمية تقنية يعتمد عليها المعلمون، مما يؤدي إلى عدم وصول التفاعل إلى العملية التعليمية، وزيادة حجم الفجوة بين الطالب والمعلم والأسرة أيضاً.
التحول الرقمي باختصار هو ميكنة الأداء التربوي والتعليمي، ووجود بيئة تربوية تعليمية متكاملة وحقيقية للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور من خلال الحلول التقنية والحلول الإلكترونية وللأنشطة المختلفة في المدرسة، بها كل التفاصيل المتعلقة بهم، بما يساعد وزارة التعليم على اتخاذ قراراتها التربوية والتعليمية السليمة في التوقيت الصحيح سواء فيما يتعلق بكل المعطيات الأساسية في المنهج وفي النشاطات العلمية والتعليمية المقدمة للطلاب أو غيرها من القرارات.
أيضاً فإن الميزة الكبرى للتحوّل الرقمي أنه تنهي معاناة أضلاع العملية التعليمية (المدرسة والطالب والمعلم) مع الروتين التعليمي، ويقلل من استخدام القلم والدفتر، كما أن قاعدة بيانات الأنشطة التعليمية في بوابة المستقبل تسهم في تعزيز الاستراتيجيات التربوية، وتدعم فرص التعليم الذاتي، وتسهم في تغيير نمط التعليم والتفاعل مع الطلاب والطالبات بشكل يومي والتفاعل مع أولياء الأمور بشكل يومي بشكل حقيقي طبقاً لبيانات المستويات التعليمية وتقييم تقدم الطالب في كافة المجالات.
الأهم من ذلك كله أن التحول الرقمي يدعم تقدم المعلم والمتعلم من خلال تغيير نمط التعليم التقليدي إلى تعليم تفاعلي وبيئة فيها كثير من التواصل مع كافة عناصر العملية التعليمية، من خلال تقديم الموارد العلمية والتعليمية والواجبات والأنشطة الإلكترونية والاختبارات والحضور والانصراف وتحضير الدروس وحلقات النقاش والتواصل مع الطلاب وأولياء الأمور والتقويم الدراسي وإضافة الأنشطة ورصد السلوك.
التحول الرقمي من خلال بوابة المستقبل مشروع ضخم تشرف على تنفيذه وزارة التعليم لتحقيق رؤية المملكة 2030 وتسهم فيه الجهات الرسمية التعليمية وشركاء التعليم في العالم، ويقوم بمتابعة تطبيقه على أرض الواقع مجموعة مميزة من شباب التعليم في شركة تطوير تقنيات التعليم بما يضمن تنفيذه على أكمل وجه ممكن.
التحول الرقمي هو واحد من أهم مشروعات وزارة التعليم العملاقة التي أطلقها وزير التعليم سابقاً الدكتور أحمد بن محمد العيسى، ووجَّه بتنفيذها منذ عامين تقريباً، وأطلق المشروع في أواخر شهر محرم عام 1439هـ، ليضع تعليم هذا الوطن في مصاف الدول المتقدمة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك تعليم لوطن متقدم بمعنى الكلمة دون أن يكون لديه مشروع متكامل للتحول الرقمي ومن خلاله يتم توفير أدوات تقنية ومتكاملة لعناصر العملية التعليمية وربطها بعضها ببعض بما يضمن تقديم أفضل وأسرع خدمة لتلك العناصر في مختلف المجالات.
البداية كانت منذ نحو عامين حينما وجَّهت وزارة التعليم بضرورة اقتحام هذا المجال وتعويض ما فات الوزارة فيه، وقد قطعت خطوات كبيرة في هذا الطريق الطويل، ومنها ما حدث في تدريب المعلمين والمعلمات على استخدام التقنية والتفاعل معها والتعريف بالخدمات التي تقدمها البوابة، وبالتالي فإنها بدأت في مشروع سيصل إلى مبتغاه في السنوات القادمة، لاسيما والمشروع في مرحلته الثالثة، وهي تعرف جيداً حجم التحديات التي ستواجهها في المستقبل، وستنجح بمشيئة الله تعالى.
المشروع ضخم ويستهدف تقديم عدد من الخدمات إلى المعلم والطالب وولي الأمر، وتشمل كل المجالات، ونحن ما زلنا في مرحلة البداية والإطلاق، بعد تطبيق تلك الخدمات لن يحتاج ولي أو ولية الأمر إلى الذهاب لمدرسة ابنه أو ابنتها مثلاً، لكنهما ومن مكتبهما أو بيتهما يقومان بكل الإجراءات في المتابعة.
الحال نفسه في تقديم الموارد العلمية والتعليمية أو الواجبات أو الأنشطة الإلكترونية أو الاختبارات أو الحضور والانصراف أو تحضير الدروس أو حلقات النقاش أو التواصل مع الطلاب وأولياء الأمور أو متابعة التقويم الدراسي وإضافة الأنشطة أو رصد ومتابعة السلوك فكلها تتم من داخل البيت أو المكتب ومن «الهاتف النقال» في خلال دقائق معدودة بعيداً عن الروتين، لتنتهي معاناة المعلمين والطلاب والأسرة وأولياء الأمور في أروقة المدارس وزياراتهم لها بين الفينة والأخرى.
هناك نسبة متوسطة من المعلمين والطلاب والأسر وأولياء أمور الطلاب والطالبات ما زالوا غير قادرين على التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، ولأجل ذلك فإن الخطة الموضوعة تتضمن عقد دورات تدريبية لهم ليتفاعلوا مع هذا التوجه.
الحديث عن مشروع التحول الرقمي يظل مفتوحاً خلال الفترة المقبلة وحتى تستكمل بوابة المستقبل كل مراحلها في كل إدارات التعليم ومدارسها باعتبارها ثورة متكاملة ومشروع تعليمي ووطني هائل سوف يتبعه بالضرورة حدوث نقلة ضخمة في التيسير على عناصر العملية التعليمية، وتقديم أفضل الخدمات لهم بأقل جهد ممكن، وسد منافذ الروتين الممل والرتابة المقيتة في لغة ووسيلة العصر، والأهم من كل ذلك وضع خريطة تعليمية ووطنية واضحة ودقيقة تسهم في اتخاذ القرارات الضرورية في التوقيت المناسب.