محمد بن عبدالله آل شملان
كبير هذا الحدث، وكبيرة هي المسؤولية، لكن الرجل أكبر، يواجهها واقفاً، ويتعامل معها واثقاً، ويعالج بالبحث والتفكير شاردها وواردها.
ذلك هو قائد هذه المنطقة الملتهبة من العالم؛ ملتهبة لأنها تتفجَّر تحتها الأرض خيراً دفاقاً تحمرّ له عين الحاسد وتضيق، وملتهبة لأنها موقد لا يخمد، يحرق أوراق اللعبة ويفوّت الرهان على الخاسرين، وملتهبة -قبل هذا وذاك- لأنها الأرض التي صهرها الإيمان وطهرها، ولوّى نحوها أعناق العالمين، وأذل جباههم لعزته.
وبكل المقاييس -مقاييس العقلاء- رسم عقل هذه الأمة وقائدها الخارطة «السياج» يطوّق الفعل يرصد إيقاعه، ويضع الإستراتيجية وخياراتها.
كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -نصره الله- بإطلاق حوار جدة، بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي نقطة تحول كبيرة سيغيِّر مسار الحدث وأبعاده، وزمنه الافتراضي، وسيحرق أوراق اللعبة. وسيفوّت بمشيئة الله تعالى الفرصة لاستثمار الغبي لنزعة الشر وصلف القوة الجاهلة!
نقاط كبيرة ومهمة، أضاءها حديث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في قصر اليمامة بالرياض يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول 1441هـ، أثناء توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، أعطت للحدث وخيوطه الدقيقة رؤية خاصة، تتجاوز الصورة والإطار إلى الجزئيات الدقيقة التي تكوِّن الصورة الكبيرة وإطارها.
ولا يحتاج المواطن اليمني، أو السعودي الذي عرف قائده إلى مزيد من الوقت ليعرف كيف يفكر، فالذي يتعامل مع أحداث متلاحقة في عالم واسع يستطيع أن يتعامل مع حدث قريب، وعدوان على جار قريب.
كلماتٌ كالدرر جاد بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أثناء توقيع الاتفاقية، تكشف عن قائد سعودي فذ، وتعكس ما يتحلَّى به سموه من رؤية مستنيرة وبصيرة متوقِّدة وأمل طامح وعزم متألق وتخطيط فائق وأفق رحب وعطاء متدفِّق، وصراحة وشفافية ووضوح.
حديث ولي لعهد -وفَّقه الله- أثناء توقيع الاتفاقية والتي حضرها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعدد من كبار المسؤولين. هو وثيقة تاريخية تضع النقاط فوق الحروف حول الأحداث والمستجدات التي يعيشها اليمن السعيد بسبب (العدو) الذي سكر بخمر ثورته وعاش أوهام بناء إمبراطورية فارس البائدة على حساب جيرانه، وبسبب مراهقة ومن عاونه.
ويؤكد -حفظه الله- في حديثه من جديد على ثوابت المملكة تجاه معالجة الأزمنة الراهنة ومسؤوليتها التاريخية أمام أبناء الأمة العربية والإسلامية في ظل هذه الظروف الدقيقة من أن لا يمكن القبول بأي موقف إلا أن تعود الشرعية إلى حضنها بحول الله تعالى وقدرته.
كما أشاد بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت تضحيات جليلة في ساحة الشرف مع جنود المملكة ودول التحالف.
ما يفرضه الواقع حالياً أنْ يساهم جميع اليمنيين في رسم خارطة الطريق كفريق جماعي يبدأ من قيادته الأعلى فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وأعضاء الحكومة بمختلف أسمائها ومرجعياتها ومشائخ القبائل ورجال المقاومة، وأن يدركوا أنهم أمام فاصل تاريخي حقيقي يجب أن يفهموا أبعاده، يستوجب على جميع الشعب اليمني تزامناً مع ذلك أن يلبسوا لباس المصلحة الوطنية العليا والروح الانتمائية والاستشعار بحجم المسؤولية الجسيمة لمواجهة الخطر المتصاعد والذي باتت تشكله جماعات «العدو» وفقاً لمشروعها التدميري لليمن أرضاً وإنساناً، وهو الدور الذي يحتاج إلى معاضدة، كما عبَّر بذلك الأمير محمد بن سلمان بقوله في إحدى المناسبات: «رجال اليمن ليسوا في حاجة لمساعدة أشقائهم فهم إذا استنفروا ووقفوا سوف يقضون على العدو ولن يقفوا حتى يكونوا في عقر دار العدو، لكن لا نستطيع نحن إخوانكم في السعودية ودول الخليج العربي ومصر والسودان والأردن والمغرب أو جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي أن نرى استنفاراً ووقفة للرجل اليمني دون أن نكون بجانبه، ونحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا كما كنا في السابق وكما سنكون في المستقبل».
هذه المرحلة أستطيع أن أسميها (كلنا مع اليمن)، وكلنا مع وطن نرسم مع قيادته وشعبه خطاه الجديدة بتفاؤل كبير وبدفن لمخلفات الماضي السلبية وإرهاصات الأحداث التي نبشتها الإملاءات الحزبية أو الخضوع الانهزامي لرغبات «العدو» وسننتظر تلك اللحظة التي قال عنها سمو ولي العهد -حفظه الله- في أحد لقاءاته مع مشائخ القبائل: «وبحول الله وقدرته وعزيمة الرجال أمثالكم فكل عدو مدحور في اليمن وفي كل مكان آخر».