فضل بن سعد البوعينين
في الوقت الذي ينتهج فيه نظام إيراني سياسة التحزب والفرقة، وتأجيج الطائفية، والاحتراب لنشر الفوضى في بعض الدول العربية؛ ومنها اليمن؛ تمضي المملكة قدماً لتحقيق الأمن والسلام وجمع الأطراف المتنازعة على طاولة المباحثات للوصول إلى اتفاقيات تفضي إلى إعادة الأمن والاستقرار لدولهم. تبقى المملكة بيت العرب الكبير، الذي يعودون إليه كلما اشتدت عليهم الخطوب، وتنازعتهم الأمم، وهم موقنين بأن قادتها سيتجاوزون عن أخطائهم متى ما جعلوا السلام هدفهم، والتنمية خيارهم، والنوايا الصادقة سلاحهم لتجاوز الأزمات.
وفي القضية اليمنية؛ نجح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نزع فتيل الأزمة بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وإمضاء اتفاق الرياض الذي سعت بعض القوى الإقليمية لإفشاله، إلا أن شرفاء اليمن آثروا السلم على الحرب والاتفاق على الاختلاف متجاوزين خلافاتهم السابقة ومقدمين مصلحة اليمن على مصالحهم الحزبية. أسهمت الإمارات في دعم الاتفاق، ورد الشيخ محمد بن زايد بحضوره مراسم التوقيع، على أبواق الفتنة ومخططات القوى الإقليمية المارقة.
اتفاق الرياض خطوة مهمة في سبيل إيجاد الحل السياسي الشامل وإنهاء الأزمة اليمنية، كما أنه يؤسس لمرحلة تطويرية جديدة تعزز الأمن والاستقرار والتنمية. إحاطة اتفاق الرياض بالجوانب الاقتصادية؛ كركيزة من ركائزه الرئيسة؛ سيعزز من كفاءته وقبول الجميع به، خاصة وأن تجارب الاحتراب لم تفضِ إلا إلى سفك الدماء وانهيار الاقتصاد وتعطل التنمية وكذلك الموارد المالية.
ولعلي أركز على الجانب الاقتصادي في اتفاق الرياض، وأحسب أنه يشكل باب الأمل الواسع لليمنيين، والداعم الأكبر للحكومة في ممارسة مهامها التنموية وسيطرتها على موارد الدولة وتفعيل الأنظمة. يركز الشق الاقتصادي على تفعيل المنظومة المالية ومؤسساتها الحكومية، وفصل الصلاحيات. تفعيل دور المجلس الاقتصادي الأعلى وربطه بالحكومة سيحد من التجاوزات وسيعزز النزاهة وسيوقف تداخل الصلاحيات.. وسيسهم في وقف أي لجان مالية يمكن أن تعمل من خارج الحكومة وهذا أمر غاية في الأهمية.
إدارة أموال الدولة من المكاسب المهمة للاتفاق حيث سيعاد تنظيمها بشكل عاجل ما يضمن تدفق جميع الإيرادات على الخزينة العامة من خلال البنك المركزي، ومن ثم الصرف من خلاله، وفي هذا تنظيم للإيرادات والنفقات العامة، وتعزيز للنزاهة، وتلبية للمعايير الدولية. قبل الاتفاق كانت بعض الموارد المالية لا تورد لخزينة الدولة بل يسيطر عليها أفراد أو جماعات كما أن الضرائب والرسوم لا يتم توريدها للخزينة العامة، وهذا ما تسبب في تدهور المالية العامة وعدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها التنموية. مكافحة الفساد من أهم بنود الاتفاقية، فالقضاء على الفساد يعني تحقيق كفاءة الإنفاق وكفاءة الإيرادات وضمان تحصيلها.
ومن المهم الإشارة إلى تفعيل دور هيئتي المحاسبة والرقابة والاعتماد عليهما لمكافحة الفساد. فلا يمكن للاقتصاد أن ينمو بمعزل وجود هيئتي المحاسبة والرقابة لضمان النزاهة وكفاءة عمل الحكومة. لذا أعتقد أن تنفيذ الشق الاقتصادي سيسهم في تعزيز التنمية في اليمن وستكون لها انعكاسات إيجابية على المواطنين بشكل عام.