محمد بن إبراهيم الحسين
شبه الجزيرة العربية فردوس الأرض الأقدم ومركز العالم القديم: فيها عاش البشر الآوائل، ومنها انطلقت أولى الهجرات البشرية، وفوق أراضيها بنيت أقدم المستوطنات البشرية وتبلورت أولى الحضارات الإنسانية، وفي فيافيها دجنت الجمال والخيول، وبين أرجائها شقت طرق التجارة، وبين قبائلها انبثقت اللغة وابتكرت الكتابة، وعلى صخورها نقشت الخطوط والرسوم القديمة؛ حدث كل ذلك في الجزيرة العربية قبل من عشرة آلاف عام وقبل أن تقوم أي مظاهر للمدنية في أي بقعة من بقاع الكرة الأرضية..
العرب علَّموا البشر النطق والكتابة، فاللغة العربية أم اللغات، وخط المسند أقدم الخطوط وأساس جميع الأبجديات، فمن الجزيرة العربية انبثقت أولى اللغات وابتكرت أولى الكتابات، حيث يوجد في الجزيرة العربية 14 لغة مكتوبة كالثمودية والمسندية، يكتبها العامة بإجادة بالنقش على الصخور بإتقان.
قبل 7 آلاف عام كان معظم العرب يجيدون الكتابة بدليل وجود آلاف النقوش كتبت بـ14 لغة مكتوبة بعدد من الخطوط كالثمودية والمسندية، يكتب العامة تلك الخطوط بإجادة بنقشها على الصخور بإتقان، وتنتشر تلك النقوش في جميع أرجاء الجزيرة العربية؛ مما يدل على انتشار المدارس وارتفاع عدد المتعلمين في شتى المجالات ومنها للقراءة والكتابة، في حين لا يوجد في جميع أرجاء العالم شعب يتقن الكتابة كشعب الجزيرة العربية، وبعد ذلك بآلاف السنين وقبل ألف عام فقط كان مبعوث الخليفة العباسي وهو أحمد بن فضلان يجوب أرجاء البلدان الاسكندنافية ويعيش مع شعوب الفايكنج ويدون أقدم تاريخ مكتوب للسويد لعدم وجود أحد من تلك الشعوب يجيد القراءة والكتابة في تلك العصور!
العرب علَّموا الأمم النطق؛ بكونهم أول من نطق بلغة واضحة وكاملة، فاللغة العربية أم جميع اللغات البشرية، وهي أقدم اللغات وأتمها وأكملها وأبلغها، وجميع اللغات مشتقة منها ولم تُشتق من أي لغة، فمن اللغة العربية اشتقت جميع اللغات البشرية ومنها اللغات: الكنعانية والفينيقة والآرامية والآشورية والعبرية والسريانية والكلدانية والنبطية..
ومن الإثباتات على أن اللغة العربية هي أصل جميع اللغات أن كلمة أبجدية والتي يرمز لها بالأحرف العربية الأولى: ألف باء (أ-ب-ت) هي نفسها في جميع لغات العالم، فهي: بالعربية: (ألف باء تاء) بالإنجليزية: (الفابِت) بالألمانية: (الفابيتش) بالفرنسية: (لالفابه) بالإيطالية: (الفابيتو) بالإسبانية: (إل الفابيتو) باللاتينية: (الفابيتم) بالإندونيسية: (الفابيت)..
والعرب علَّموا البشر الكتابة؛ فخط المسند العربي هو أصل جميع الخطوط البشرية، وهو أول الأبجديات البشرية، وأساس جميع الخطوط العالمية..
ويتفرع من خط المسند خطوط عدة منها خط الزبور، وهو أصل الخط العربي، والخط الثمودي، وهو أصل جميع الخطوط البشرية، ويلاحظ تشابه الحروف الأبجدية للخطوط الهندوأوروبية ومنها الإنجليزية مع حروف خط المسند ومنها الأحرف: (MNHhbdWVSLlOXYZE)..
ظهر خط المسند قبل أكثر من (10) آلاف عام، والعرب القحطانيين في شتى أرجاء الجزيرة العربية هم الذين ابتكروا الكتابة بابتكارهم لخط المسند، ثم أخذه الفينيقيون من القحطانيين، ثم أخذه الإغريق من الفينيقيين، ثم أخذه الرومان من الإغريق، ويرى بعض الباحثين أن خط المسند هو أصل الكتابة الهيروغليفية كذلك..
والعرب علَّموا الأمم العد والحساب؛ علَّموهم الحساب بابتكارهم لعلم الجبر، وعلموهم العد بابتكارهم الأرقام العربية والصفر، مع العلم بأن الأرقام الإنجليزية التي يستخدمها الغرب ابتكرها العرب، فهي أرقام عربية تعتمد على عدد الزوايا، وقد أخذها الغرب عن العرب؛ حيث انتشرت فكرة الأرقام العربية في أوروبا بفضل عالم الرياضيات الإيطالي «ليوناردو فيبوناتشي» أثناء إقامته في مدينة بجاية بالجزائر حيث تعرف على الأرقام العربية فيها فكان صاحب دور عظيم في انتقال الأرقام العربية وانتشارها في أوروبا ثم في العالم أجمع. وكانت أوروبا قبل ذلك تستعمل الأرقام الرومانية التي لا تساعد على إنجاز أبسط العمليات الحسابية..
والعرب علموا الأمم التجارة؛ فأهل الجزيرة العربية هم رواد التجارة عالمياً وأقدم من مارسها تاريخياً، حيث استأنسوا الجمال قبل آلاف السنين وكان ذلك كصناعة سفن وقطارات وشاحنات وطائرات الشحن في العصر الحديث، وقبل آلاف السنين كان يوجد في الجزيرة العربية مئات الطرق التجارية منها 17 طريقًا تجاريًا رئيسًا أشهرها طريق البخور..
ومما ورد يتضح أن العرب هم الذين علموا البشر النطق والكتابة، كما علموا البشر الحساب، علاوةً على أنهم أول من أنشأوا المستوطنات وبنوا المدن وأقاموا الحضارات، وسنوا القوانين، واكتشفوا الزراعة، ودجنوا الخيل والجمال، واخترعوا المحراث والعجلة..
وبتلك المكتشفات والمبتكرات والمخترعات يكون العرب هم الذين أرسوا أساس الحضارة والمدنية البشرية.