فهد بن جليد
في أحد المطاعم الراقية شمال الرياض، تبدو الأجواء رومانسية مع تلك الموسيقى الهادئة والإضاءة الخافتة، كانت طاولات المطعم في الداخل وحديقته الخارجية (شبه ممتلئة)، لذا بالكاد وجدتُ لي طاولة أنا والمدام (رفع الله قدرها، وأعلى شأنها، ونفع بها)، فجأة وبينما نحن مُنشغلان في تصوير (الكاكاو السائل) والنادل يسكبه فوق (كيكة التمر) التي يعلوها الآيسكريم، كأي زوجين ينقلان تفاصيل حياتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سمعت صوت جلبة وضوضاء، مع صراخ النساء في الخلف، فقد اكتشف أحد عمَّال المطعم (قطاً) تسلَّل إلى داخل الحديقة من الشارع، حيث قام بمُطاردته من أجل إخراجه من أول طاولة، ولكنَّ (القط اللئيم) أخذ يهرب من طاولة إلى أخرى، ممَّا تسبَّب في فوضى عارمة وموجة خوف ورعب، ليخرج البعض من الحديقة إلى داخل المطعم، ويبدأ عرض مسرحي رائع عنوانه (قط يقتحم مطعماً) أبطاله قط، وأربعة عُمَّال، ورئيسهم، الذين تركوا عملهم وتفرَّغوا إلى مُطاردة القط من طاولة إلى أخرى.
خرج القط بمزاجه من الحديقة بعد أن جعل (عاليها واطيها)، وعندها شعر العُمال ورئيسهم بالنصر والنشوة، وبدأوا في إعادة الزبائن الهاربين من القط إلى حديقة المطعم مرَّة أخرى، وسط وعود بأنَّ القط قد تم دحره وإخراجه، بل وتم تأمين مداخل الحديقة بعُمَّال إضافيين، شدَّ انتباهي أنَّ مُعظم الهاربين هنَّ فتيات (الطبقة المخملية) اللواتي يشترين عادة القطط بآلاف الريالات من محلات الحيوانات، ولكنَّهن في حالتنا هذه لا يلتفتن إلى (قطط الشوارع) ويعتقدن أنَّها ليست كتلك القطط التي تنام في غرفهن، وتتقاسم معهن بيوتهن، لم أشعر وأنا سارح في تأمل المشهد إلا وصراخ (المعزبة) في وجهي: انظر في الكيكة قدامك، واترك الناس في حالها أثابك الله يا شيخ، (بلعت ريقي على عجل) وابتسمت قائلاً (قطو وطق بعصا).
بينما نحن كذلك، عاد العمال ورئيسهم ليهبوا مُسرعين مرَّة أخرى إلى إحدى زوايا الحديقة، فاعتقدت أنَّها غارة جديدة من القط، ولكنَّني سرعان ما اكتشفت أنَّ (زبونة) تشتكي من ورقة سقطت في كوبها من شجر الحديقة، وأنَّ الذي باشر الموقف هو ذات العامل الذي اكتشف القط، عندها أيقنت أنَّ (القط لم يكن قضية حيث يمكن إخراجه بهدوء، والزبونة ستتفهم أنَّ المكان مفتوح ويمكن أن يسقط أي شيء في كوبها) ولكن المُشكلة الحقيقية هي في العامل الذي لا يُحسن التعامل والتصرُّف مع المواقف، والذي أوصيت قبل خروجي في (ورقة الملاحظات) بنقله إلى داخل المطعم فوراً، لتستقر الحديقة.
وعلى دروب الخير نلتقي.