د. حسن بن فهد الهويمل
الوطن: دولةً، وحكومةً، وشعباً، وعُلماءَ، ومفكرين، وإعلاميين والجميع ليسوا في معزل عن دخن الفتن، التي تعم أرجاء وطننا العربي، على مبدأ: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}.
وكم من جماعة، أو طائفة يفيضُ جهلها، وتعم سفاهتها. بحيث يمتد أثرها السيئ على مسيرة الأمة.
هذه الحالة المزرية، لم تتنزل من السماء، ولم تنشق عنها الصحراء. إنها عمل أفراد، وجماعات، ومنظمات، وطائفيات يظنون أنهم يحسنون صنعا.
نعم لا ننكر مكائد الأعداء، ومكرهم، وتدبير أمورهم بليل، وعملهم الدؤوب المناهض: للحق، والعدل، والحرية.
كل هذا داخل في الصراع الأزلي بين (الحق) و(الباطل). وهو من سنن الله الكونية القائمة على (التداول) و(التدافع).
السعيد من عمل في جبهة الحق، وجاهد في الله حق جهاده: بقلمه، ولسانه، وسنانه. أو لزم الصمت على الأقل، وفوض أمره لبارئه.
فكل مغامر في سوح الجهاد من جند الله، يدبره كيف يشاء. {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} و{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} و{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} و{لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} نواصي الخلق كلها بيد الله، يصرفها كيف يشاء.
(الصراع) إكسير الحياة، وهو قائم ما قامت السماوات، والأرض. والسعيد من كان في صف الحق.
بلادنا، بلاد المقدسات، والسلفية المتوازنة، المستنيرة تحاول جاهدة ترشيد الصراع في عالمنا العربي، وتحويله إلى الدفاع عن القيم الدينية، والاجتماعية، والقومية.
وتجنيب عالمنا ويلات الفتن، والفوضى الهدَّامة. وهي لكي تفك الاختناقات لا بد أن تستخدم الممكن من القوى: القولية، والفعلية. من دفعٍ بالتي هي أحسن.
وحين نكون وسط اللهب، ولا نحترق، يكون من أوجب الواجبات تفادي الانزلاق في متاهات الخلافات القائمة على أشدها بين الفرقاء.
لقد كشفت الأحداث الدامية النامية، والمتتابعة عن (لعب كبيرة) محكمة الصنع، تريد لعالمنا العربي التشرذم: أرضاً، وفكراً، ليظل طريدة واهنة، واهية.
وقادة الفكر في عالمنا العربي، ورموز الإعلام، والعلماء الذين يتولون جبهة الكلمة، البعض منهم مخترق، وخطابهم المريب يُعَقِّد الأمور، ويُضل الأفكار، ويعزِّز جانب الفتن، لأنهم لا يترددون في توظيف قدراتهم الفكرية، وترساناتهم البلاغية لخدمة أعداء الأمة، من حيث يعلمون، ويُقَدِّرون.
(أمتنا العربية) يتنازع أمرها: (الفرس) الحاقدون و(الأتراك) الحالمون، ومن ورائهم صليبيةٌ مُغِلَّةٌ، وصهيونية ماكرة، ومتذيلون يقولون ما قالت (حذام).
هذه الأوضاع الموجعة لا يمكن أن تكون في معزل عن (لعب خطيرة) محكمة الصنع مدعومة بالمال، والسلاح، ووسائل الإعلام. تلك مشاكل أمة، تنمو بشكل عشوائي، وسريع لا تستطيع اعتزالها، ولا الخوض فيها.
دخن مشاكلها شائع، وأثرها السيئ عام. وحين نتناولها لكشف عوارها، والتحذير منها، يخلط البعض بين المشاكل الذاتية، والغيرية. نحن بخير في أمن، وإيمان، واستقرار، وكلنا مسؤولون عن قضايا أمتنا: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)
إنها أمة مأزومة، تُلْهي مشاكلها عن أمور كثيرة. فاللسان، والقلم جُهدٌ، وجهاد، لا يقل أثرهما عن جهد المال، والسلاح.
وكل طامة كبرى تمهد لها الألسنُ، والأقلامُ، وتخصف على سوءاتها من الكلمات ما يسترها.
لقد شغلتنا مشاكل أمتنا عن شأننا الخاص. ووجدت من أبنائها العققة من يدافع عن الشر، ويدفع إليه، وهو يعلم يقيناً أنه يعمل في سبيل الأعداء. وتلك من الفتن التي رقق بعضها بعضا.