سهوب بغدادي
فرضت الولايات المتحدة على إيران حزمة من العقوبات منذ أن احتجزت الرهائن الأمريكيين عام 1979، مما أدى إلى حظر كامل في المجال التجاري عام 1995 ، حيث نصت قرارات مجلس الأمن كذلك على منع واردات الأسلحة إلى إيران وتقييد القروض لها. فيما وسّعت الولايات المتحدة الأيام القريبة الماضية عقوباتها على إيران من خلال استهدافها قطاع البناء الذي يرتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني. مما لا شك فيه أن إيران تعاني من عزلة سياسية واقتصادية بالإضافة إلى العزلة اللغوية للغة الفارسية وكان نتاج العزلة اللغوية إتقان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي اللغة العربية واستخدامها في خطبه الثورية والشعبوية لاستثارة الجمهور، باعتبار العربية لغة القرآن واللغة الأساس عند تعلّم أي مسلم قديماً أو حديثا لها، حيث لا تخلو خطب إيران الثورية وخطابهم الإعلامي من عدة إستراتيجيات مفضوحة للمتبصّرين. فيما تحرص إيران على انتقاء خطابها الإعلامي وخطبها في المنابر عن طريق اعتماد تاريخ الفئة أو المجتمع المخاطب وإيراد ما يتوافق مع عادات وأعراف وأبرز أعلام ذلك الشعب وفي ذلك توظيف لإستراتيجيتين سيكولوجية بحتة ولغوية سيكولوجية في ذات الوقت. إن من أبرز ما يميز الخطاب الإيراني الديني والإعلامي سياسة استحداث المصطلحات وسياسة إعادة تعريفها، حيث تأتي السياسة الأولى عن طريق خلق تعريفات لمصطلحات وعبارات لا وجود لها في أرض الواقع إنما وظّفت نتيجة للثورة الإيرانية كالمصطلحات التالية: الطواغيت ودول الاستثمار التي غالباً ما يقصد بها الدول التي تتخذ من الإسلام المعتدل منهجاً ممنهجاً, في حين تأتي المملكة العربية السعودية في طليعة الدول المستهدفة من التمدد الإيراني. أما بالنسبة لسياسة إعادة تعريف المصطلحات فليست إلا محاولة لتحوير وتشويه لغوي بائس في مجمله، يعتمد على الصورة النمطية التي في أذهانهم فقط كوصف الدول الأخرى «بدول الإسلام الأميركي» ويتضح في هذا الصدد أن جميع المصطلحات المعتمدة في إعلامهم وخطبهم الدينية ما هي إلا مصطلحات وليدة الثورة الإيرانية.
من الجدير بالذكر أن هنالك خطوطاً أساسية لصياغة المادة الإعلامية الإيرانية التي تبثها من خلال قنواتها الناطقة بالفارسية وغيرها من اللغات. ويتجلّى النهج الإيراني من خلال تحليل الخطاب الإعلامي والسياسي في الإكليشة الآتية: إيران تورد خبر ما, من ثم تعلّل هذا الخبر في حين تحور انطباع وفحوى الخبر إلى جوانب اقتصادية وسياسية وما إلى ذلك في عملية أشبه «بالارتجاع» الذي يصب في مجرى أجنداتها الخاصة. كما نستطيع أن نطبّق هذه الأكليشة على جميع الأخبار لنعرف ما إذا كانت الأجندة الإيرانية تتوشَّح رداء لغة أو دولة أخرى. وفي هذا النطاق، نذكر إضافتها مؤخراً للغة الهوساوية إلى عملها الإذاعي وهي محاولة للتمدد والتفرّع على الصعيد الإفريقي وبغض النظر عن اختلاف التيارات الإعلامية للنظام الإيراني المتمثّلة في التيارين الإصلاحي أو الأصولي المحافظ، فكلاهما وجهان لعملة واحدة تتسم بالانجراف عن الموضوعية والشفافية. لأن الداخل الإيراني المتمثّل في الشعب يحاول إيصال صوته من خلال أي منصة حيادية وذلك لم يتحقق سوى من خلال بعض منصات التواصل الاجتماعي التي لم تحظر بعد كالتليجرام. حقاً، إيران تعيش في عزلة سياسية واقتصادية ولغوية ولكنها تناضل عن طريق أجنداتها الخفية التي تمررها عن طريق الإعلام وتوظيف اللغات الأخرى لضمان التوصل إلى أكبر عدد ممكن من الموالين.