خالد بن حمد المالك
ظهر جلياً كره العرب - بما في ذلك الشيعة - لإيران، وهو ما ظهر واضحاً في حركة الشارع في كل من لبنان والعراق، من خلال الأصوات المنددة بتدخل طهران في شؤون دولنا الداخلية، وكذلك من تمزيق المتظاهرين للأعلام الإيرانية ولصور الزعماء الإيرانيين، بل واستخدام عبارات لها مدلولها في التعبير عن غضبهم من السلوك الإيراني، حين رفعوا مع العلم الإيراني وصور قادة إيران شعار النازية، ما يعني أنه لا مكان لإيران في دولنا، حتى ولو استأجرت طهران حزب الله وأمينه نصر الله لتلميع ما لا يُلمع عن إيران، لأن الحزب وأمينه هم أحوج ما يكونان إلى أدوات تحسِّن صورتهما، وتخفي عمالتهما وخيانتهما.
* *
لقد حاول حسن نصر الله في خطابه الأخير أن يشوِّه صورة الثورة، فاتهمها بأنها مموَّلة وموجهة من الخارج، وأشار في ذلك إلى إسرائيل وأميركا ودول أخرى لم يسمها، مما زاد من غضب المتظاهرين، وحرَّك فيهم الإصرار على الاستمرار في المظاهرات ما لم تلب مطالبهم، وتقوّض الأحزاب العميلة وعلى رأسها حزب الله، ويحاسب كل من كان عنصر فساد وخيانة من السياسيين، وبالأخص أمين حزب الله حسن نصر الله الذي حارب كل إصلاح، ومارس كل أساليب الإرهاب، مدعوماً بسلاح إيراني ليس له من هدف إلا منع أي مقاومة للمد الإيراني في لبنان وغير لبنان.
* *
ما يجري في لبنان، وفي العراق، من رفض لأي وجود إيراني بشكل مباشر أو غير مباشر، هو تأكيد على عروبة الشعبين الشقيقين، حتى وإن اندست عناصر عميلة بين المواطنين، بل وحتى مع تسليم مراكز القيادة لوكلاء إيران هؤلاء، فهؤلاء قلة لا تؤثِّر على المسار العروبي للدولتين، وبقاؤهم في السلطة مسألة وقت، وما من مسؤول يفرِّط بمصالح بلاده ومواطنيه، ويضمن الاستمرار في كرسي المسؤولية، هكذا يقول التاريخ، وهكذا يعلِّمنا ويذكِّرنا بمن كانوا وأين أصبحوا الآن.
* *
إن ما يجري في ميادين وساحات التظاهر هو -لمن لم يفهمه بعد- قرار جماعي، وإجراء سلمي لتصحيح ما أفسده الذين فرَّطوا بمصالح بلادهم، وهو أولاً وأخيراً حركة تصحيح لحالة أصابت المواطنين بالرعب، بسبب ميل بعض النافذين إلى الارتماء في أحضان لا تريد الخير لشعوب هذه الدول العربية، بما حرَّك الشارع ليس في بيروت وبغداد، وإنما في كل مدن الدولتين، وعلى امتداد مساحاتها، بما يجعلنا على ثقة بأنها لن تتوقف قبل إكمال أهدافها ومتطلباتها.
* *
ومثل هذه الثورات حين تكون من الشعب ولصالح الشعب، لا يوقفها تصاعد عدد القتلى والمصابين، واستخدام السلاح والقوة في التعامل الرسمي معها، وإنما يوقفها الحوار، والاستجابة لمطالب المحتجين، وترك المسؤولية لمن يحسنون التعامل مع مصالح المواطنين والوطن، وفيما عدا ذلك فإن مع كل قتيل أو جريح تسقط (طوبة) من الجدار السميك الذي يفصل بين المواطن والمسؤول، فمن يتعظ من هؤلاء ومتى؟!