مسفر آل فطيح
بعد اجتياح الجيش التركي شمال سوريا وتحديداً منطقة تل أبيض ذات الأغلبية الكردية، أدانت أغلب الدول والمنظمات الحقوقية هذا الاعتداء غير المبرر، قوات الحماية الكردية المعروفة (بقسد)، هي التي هزمت داعش على مدار عامين، وهناك ما يقابل 10 آلاف أسير من داعش في السجون الكردية، وتركيا تتهم الأكراد بالإرهاب، وهناك أيضاً ما يقابل 12 ألف من عوائل داعش، وكلهم قنابل موقوتة تنتظر الإخلال بالأوضاع الأمنية التي أحكمها عليهم الأكراد.
تركيا هي التي سمحت بدخول الآلاف من المتطرفين على طول الحدود السورية التركية التي تقدَّر بمئات الكيلومترات، سياسة تركيا تفتقد للتوازن وتتأرجح بين حين وآخر بين ما تريده أمريكا وروسيا، ما زالت العملة التركية تعاني من الانهيار، وحزب العدالة والتنمية استقال منه عدد من الأعضاء المؤثِّرين نتيجة استبداد ومركزية أردوغان في الحكم.
حاولت تركيا وقطر نشر الإشاعات حول قضية جمال خاشقجي وفشلت في ذلك، فهناك الآلاف من الصحفيين والمحامين والأساتذة الأتراك تم فصلهم واعتقالهم تعسفياً بدون محاكمة في السجون بحجة أنهم من أنصار غولن المتهم بالانقلاب عام 2015 .
تراجعت شعبية الرئيس أردوغان، وكان دخول الجيش التركي لشمال سوريا هو آخر الحلول لإيقاف النزيف المتواصل في شعبية أردوغان والعملة التركية.
جنَّدت تركيا العديد من الميليشيات المسلحة وأغلبها تحتوى على رموز وأسماء الدولة العثمانية، أردوغان يسوِّق للخلافة ويدعم تنظيم الإخوان المسلمين في كل مكان، في ليبيا تم دعم التنظيمات المتطرفة والميليشيات المسلحة وأصبحت العاصمة طرابلس تحكمها عصابات اختطفت الدولة والمؤسسات الحكومية بتنسيق تركي وقطري.
وهو نفس الفكر والتوجه في سوريا، تمت مضايقة اللاجئين السوريين في تركيا وإبعادهم بعدما وعدهم أردوغان بالإقامة الدائمة، لأن الموازين اختلفت وانهارت المخططات مما كان له تأثير في استقالة داود أوغلو وانشقاقه من الحزب الحاكم ونيته في تكوين حزب آخر.
تركيا هي أحد أقطاب الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا والمثير للدهشة أنها في نفس الاتجاهين وهذا ناتج عن التخبط الذي تعيشه تركيا نتيجة الازدواجية وعدم التعامل مع الأحداث بالشكل المطلوب.
أردوغان يحكم بعنجهية ودكتاتورية وفي نفس الوقت يشجبها ويستنكرها، وأصبح الاقتصاد التركي مشلولاً وتراجعت السياحة وهي تعتبر أحد الروافد وعصب الاقتصاد.
وبمجرد أن أعلنت تركيا عن اجتياح شمال سوريا وتهديد أوروبا بقضية اللاجئين حتى تم إيقاف العملية من قبل أمريكا، الرئيس أوباما غضَّ الطرف وأعطى غطاءً شرعياً للإخوان المسلمين ومن يدعمهم خلال فترة رئاسته ولكن ترمب تعامل معهم بحذر وسياسة حازمة لا تقبل أنصاف الحلول.