عبد الرحمن بن محمد السدحان
1) ماذا بقي في وجدانك من ذكريات مع معالي الأمين العام لمجلس الوزراء السابق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السالم؟!
أقولها بصدق لا يضاهيه إلاّ صدقٌ مثلُه..، لقد كان أبو عصام حفظه الله أستاذًا لي تعلّمتُ منه الكثيرَ، ونشأتْ في ظلّ تلك الأستاذية علاقَةُ الابن بأبيه، أو الأخُ الأصغر بعضُدِه الأكبر!
* * *
وأتذكّر بفخر أنه منَحني من الثقة منذ أول يوم شرُفت بالعمل معه ما مكّنَني من استثمار تجربة تلك الشراكة النبيلة، فقطعتُ برعايتهِ ودعمِه أشواطًا بعيدة في تحديث بعض أدوات العمل وآليّاتِه، واستقطاب الكفاءات اللازمة لأدائه، وإعادة اكتشاف بعض المواهب العاملة في الجهاز، لتعطيَ الأجملَ والأجْزلَ إنجازًا.
* * *
2) ارتبطتَ مع رفيق دربك الراحل الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) بعلاقة صداقة عميقة، ما هي أبرز صفاته؟ وما الذي حرص على إخفائه عن عيون الناس؟
تلك قصة أخرى تحتل في رحاب النفس مساحةً كبيرة من الودّ والفُقْد معًا! كان رحمه الله ودُودًا جدًا لمن أحبَّه، وصديقًا صادقًا لمن اختلف معه رأيًا، ولذا، خلّف فقدُه فَراغًا يعيشه كلُّ من عرفه وصادقه أو تعامل معه، وتلك ثمرة علاقة فريدة ومتميزة معه نشأت قبل أكثر من أربعين عامًا، يوم كنَّا طالبيْن في جامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية بمدينة لوس أنجلوس، تعرفت عليه يومئذ عبر صديق مشترك، فأحببتُه حبَّ الأخ لأخيه.
كان صريحًا في تعامله مع رؤسائه وأقرانه ومرؤوسيه بقدر ما كان رقيقَ الطبع، عفويَّ الخاطر، عذبَ اللسان، فصيحَ البيان، ولم أشعرْ قط أن لديه (أجندةً) خفية في تعامله مع من حوله لا يدركها الذهن!
* * *
من أبرز صفاته (رحمه الله) أنه كان قارئًا نهْما، لا يكاد يفارقه الكتاب ليلاً أو نهارًا، وكان عميقَ الاستيعاب، قويَّ الذاكرة بقدر ما كان غزيرًا في إبداعات القلم، وقبل هذا وبعده، كان محاورًا بليغًا لا يملُّـه سمعٌ، يرحب بالاختلاف مع من يحاوره، لا لشيءٍ سوى تعميق معرفته بموضوع الحوار، فإما أقنَع أو اقتنع، بلا رواسب في النفس أو ردود فعل تلوّث الخاطر وتفسد الهوى!
* * *
أما موضوع الإخفاء عن عيون الناس فَمنْ منا نحنَ البشَر العاديين، ناهيك بقامة عملاقة كغازي القصيبي، لا يؤوي فؤادُه مسائلَ تعنيه وحدَه دون سواه؟!
* * *
3) هل تَوقّعتَ أو حتى خطر في بالك عندما كنت ترعى الأغنام صغيرًا أن تلقب بـ»صاحب المعالي» في يوم من الأيام؟
لم أكن أحلم وأنا أمارس مهمة الرعي صبيًا سوَى أن أنْجوَ بحياتي من هجْمةِ كلبٍ ضالٍ أو لدغة ثعبان غادر، كنت (أحلم) أن أهنأ ذلك المسَاء بوجبة دافِئةٍ تُخْرس شياطين الجوع في أحشائي، أو بثوب جديد أستقبل به العيد، والحمد لله من قبل ومن بعد، أما المنصبُ وأطيافه من الطقوس والألقاب فتلك كانت أضْغَاث أحلام! وللحديث صلة..
* أقتبس هذا الحديث والذي يليه من لقاءات سابقة في بعض وسائل الإعلام... مع شيء من التصرّف.