يوسف المحيميد
حين انطلق مسك آرت لأول مرة عام 2017 فاجأنا جميعًا، وبالفعل كان أول تظاهرة فنية رائعة تقام في المملكة، والتفاتة مخلصة تجاه الفنون التي قطعت أكثر من نصف قرن في هذا الوطن، فحشد أسماء فنانين سعوديين وعرب وعالميين، وعرض لوحات تشكيلية ومنحوتات، وعقد ندوات وورش عمل في جوانب الفن التشكيلي والتصوير والنحت وغيرها... كل هذه المفاجآت جذبت آلاف المهتمين من الشباب، وأسست لقاعدة فنية مهمة، وفي العام الثاني كان التجديد واضحًا، بالمنحوتات المذهلة، واستضافة فناني معهد الفن التشكيلي، تلك المخرجات من الفنانين الرواد الذين أسسوا حركة تشكيلية سعودية صلبة.
ولأننا لا نكف عن الطموح والشغف، كنا ننتظر مسك آرت في عامه الثالث، وفي داخلنا ثقة كبيرة بتحقيق قفزة جديدة، لكنه لم يفعل الكثير من التجديد، أكشاك صغيرة لفنانين معظمهم أقل من متوسطي موهبة، حيث لم يتم إجراء فرز لهم قبل الموافقة، وجناح كبير للصالات الفنية، ضم عددًا جيدًا من صالات الجاليري في المملكة، لكن لم يصمم بطريقة مناسبة من حيث المساحات، ولا من الإضاءة، وكذلك المنحوتات، لم تكن بحجم وتميز العام الماضي، فضلاً عن المكان الجديد المؤقت الذي اختلف عن المساحة المتاحة في درة الرياض.
ولكي ننهض بالفنون، لماذا لا يكون لمسك آرت مقر ثابت، مجهز بصالات عرض مصممة بطريقة صحيحة، ودعوة كثير من صالات العرض العربية والعالمية، لعرض الفنون المعاصرة والحديثة، ودعوة كثير من المقتنين في العالم، بعد أن نضمن الحفاظ على الحد الأدنى من جودة المشاركات، واشتراطات ألا يمنح هواة لم يشاركوا قط في معرض هذه الأجنحة الصغيرة، بعضهم يشارك بأول لوحة رسمها، لا بد من مزيد من العمل الجاد لتطوير ونمو هذه البذرة الفنية المهمة جدًا.
وأيضًا لمزيد من العمق الفني في الرياض، ما زال الفنانون والمهتمون ينتظرون «بينالي الدرعية»، إحدى مبادرات وزارة الثقافة المميزة، حيث يجب أن يضع هذا البينالي بصمته العالمية حتى وإن جاء متأخرًا، فكونك تؤسس «بينالي» جديدًا يُضاف إلى نحو 150 بينالي عالمي، يحملك مسؤولية التميز وجذب أنظار العالم إلى ما تفعل. كما أن متحف الفن السعودي المعاصر ما زال مطلبًا ملحًا، خاصة أننا محظوظون بعدد من الفنانين المميزين، الذين بدأت سمعة البعض منهم تصل إلى المتاحف والمزادات العالمية.