د.ثريا العريض
أعتذر عن تقطع حواري معكم في الفترة الأخيرة بسبب نزلة برد شديدة، منعتني ليس فقط من متعة الكتابة والتواصل، بل حرمتني من الاستجابة لفعاليات كثيرة تتطلب السفر لحضورها مثل الاحتفال بتوزيع جوائز سمو الأمير عبد الله الفيصل للشعر العربي في جدة, شاكرة لمكتب الأمير القدير خالد الفيصل تكرار التواصل لتأكيد مشاركتي. كذلك فاتتني دعوة حفيدتي «ملاك» للاحتفال بعيد ميلادها الرابع فهي من مواليد جيل رؤية التحول, مثلما عيد ميلاد أمها «مي» يأتي مع الاحتفال باليوم الوطني السعودي, حماهما الله وحمى الوطن ورؤية التحول لنتذوق ثمارها الحلوة.
وأنا رهينة الإنفلونزا فقدت حاسة التذوق وصوتي أيضا, وما زالت أشواكها متشبثة بحلقي تشبث ذيول إيران بالسيطرة على هتاف الملايين بامتداد مدن العراق ولبنان مطالبين باستعادة الهوية العربية ومعالم الحياة الطبيعية. والحمد لله أن أسباب شكواي مجرد نزلة عابرة تفرضها تغيرات الفصول, وليس تدخلات خارجية ملوثة تنفذها فئات أنانية مشوشة الولاء والانتماء.
وقد قال لي الكثيرون إن الإنفلونزا كما عهدناها كل عام في موسم تغير الفصول الطبيعية كانت شكوى عامة عانى منها معارفهم ومنعتهم من الاستمتاع بكامل ما قدمته المواسم الترفيهية والثقافية.
الإنفلونزا حتى لو وصلت درجة الوباء مقدور عليها.. أما الوصولية والخيانة والرغبة في الوصول إلى الحكم والهيمنة بالتحكم في الجموع فابتلاء ندعو الله أن يخرج منه الأشقاء.
كل حول ونحن بخير ومزيد من التحول البناء..
حقيقة هي نعمة.. مرت علينا فصول العام وآخرها الصيف دون أن نركز على تداعياتها أو طقسه.. رغم لهيب القيظ فقد كنا مشغولين بتوالي فعاليات موسم الابتهاج من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها لجنوبها. تأتي المشاركة في الابتهاج محسوسة ملموسة متفاعلة تخفف عنا حرارة أخبار التهاب الجوار حولنا وفيضان الشوارع بالملايين يعلنون أنهم ضاقوا ذرعا بأوضاعهم وأنهم يعانون الأمرين من طموحات هيمنة الأصابع الخارجية التي تحكم الخناق على حلوقهم وتتحكم بقرارات حكوماتهم وتفرض محو الشعور بالهوية العربية الأم وتسلبهم متعة استقرار الحياة اليومية. أما نحن والحمد لله فمواسمنا تكاد تنسينا مذاق المرارة في تعليمات فرضت علينا الصمم والبكم والشلل عن الحركة وعفوية المتعة. كل موسم يحمل إيقاعات الابتهاج ويلغي الكمامات الافتراضية. كل موسم يشرع ساحات التفاعل العامة ويضيئها فرحا مليئا بالمشاعر المبتهجة والمتطلعة للمزيد فكل يوم يوم عيد يبدأ بالدعاء بالخير للجميع وبالذات لمن حطم أسوار الفئوية.. وأمطر السواحل والجبال والقفار بتصاريح بغرس بذار العمل والفرح بمتابعة الإزهار والإثمار؛ تصاريح تمنح الحرية ومعها ضوابط مسؤوليات فردية واجتماعية وقيادية ترضي الله وتدعم أسس الحياة السعيدة الآمنة للجميع. قرارات وتصاريح يغبطنا عليها الأشقاء في الجوار.. وندعو لهم بمثلها ليستقر الجوار وننصرف جميعنا من الصراعات والحروب واليافطات والهتافات في الشوارع إلى احتفالات البناء والنماء وافتتاح المسارح والميادين والجامعات والمصانع.