ياسر صالح البهيجان
انتفاضة العرب الشيعة قبل غيرهم في العراق ولبنان ضد ارتهان أوطانهم للمستعمر الفارسي عبر أذرعه وأحزابه وميليشياته، ليست إلا مقدمات لحراك شعبي واسع منتظر في الداخل الإيراني. فساد نظام الملالي لم يعد يطاق لدى الإيرانيين الشباب الذين يتوقون إلى نهضة حضارية وإنسانية بعيدًا عن قبضة الحرس الثوري الذي زاد من عزلة بلدهم، وأدخله في أزمة اقتصادية بفعل مراهقات سياسية جعلته خاضعًا لوطأة العقوبات الدولية.
نظام الولي الفقيه يدرك بأن فشل مشروعه في العراق ولبنان سينعكس على إرادة الشعب الإيراني، وسيمثل دافعًا قويًا للسير على منوال البلدين لتخليص وطنه من تلك الثلة الفاسدة. ستكثف طهران من نشر ميليشاتها المسلحة خلال الأيام المقبلة. ستحرص على تصفية كل من يعارض مشروعها الاستعماري في بغداد وبيروت. وبالتأكيد سيسقط آلاف الأبرياء ما بين قتلى وجرحى في سبيل تحرير وطنهم، وضمان مستقبل أفضل لأبنائهم. ومؤسف القول بأن هذا الأمر لن يكون مستغربًا رغم وحشيته، ورغم منافاته لأبسط أبجديات حقوق الإنسان والقوانين الدولية، هذه عادة النظم الفاشية التي عجزت عن إدراك أنها مسؤولة عن دولة وشعب، ولا تنفك عن التفكير بطريقة عصابات الشوارع في النهب والسلب والقتل.
المسؤولية الأكبر تقع على عاتق محورين رئيسيين في لبنان والعراق: محور السياسيين الشرفاء، ومحور الجيوش الوطنية. السياسي الوطني مطالب بتبني موقف الشعب، ورفض الوصاية الإيرانية على مقدرات الوطن. والجيش مسؤول عن حماية المواطنين والتصدي للميليشيات التي تستهدف المتظاهرين السلميين. وإن تكاتف السياسيون والجيش والشعب فإنهم سيتمكنون من تحجيم الدور الإيراني، وإفشال أي محاولات للاتفاف على المطالب المشروعة وعلى رأسها استعادة سيادة الدولة، والقضاء على الفساد، والاستفادة المثلى من المقدرات والثروات الوطنية.
ولا يمكننا إغفال دور وسائل الإعلام العربية النزيهة والمهنية في الوقوف إلى جانب الشعوب الشقيقة ودعم نضالها للخلاص من التسلط الفارسي المقيت. لسنا أمام مشهد يتخاصم فيه أبناء وطن واحد، بل نحن إزاء حدث استعماري توسعي يهدد أمن المنطقة برمتها. والصمت عن انتهاكات النظام الميليشيوي الإيراني يعني تعميق الأزمات، وتصدير المزيد من الفوضى التي لم تعد الشعوب العربية قادرة على تحملها. حان الوقت ليدرك الولي الفقيه وأتباعه بأن العرب يعيشون حالة وعي غير مسبوقة. لن يقبلوا باللعب على وتر الطائفية البغيضة لكسب ولاءاتهم وتحريضهم ضد أوطانهم. سيضعون أيديهم بيد كل مواطن عربي شريف مهما كان انتماؤه الديني، ويعملون معًا لبناء بلدانهم واستعادة حضارتهم وأمجادهم المسلوبة.