فوزية الشهري
أُعلن مقتل البغدادي ولم يكن هذا الإعلان هو الأول بل هذه هي المرة الثالثة، ولعلها تكون ثابتة وأخيرة!، ولا أخفي سعادتي جداً بهلاكه وأمثاله ممن نشر الخراب والغوغائية وشوه الدين السمح.
إعلان مقتلة عاد بي وذاكرتي إلى ضحايا دعشنة الفكر في مجتمعنا والحوادث التي حدثت وفجيعة المجتمع بها، وكيف تم دعشنة الأقارب؟!، والكوارث التي حدثت على يد من اعتنق هذا الفكر قصص مأساوية، كان أبرزها قتل أم بيد فلذة كبدها، قتلها من أعدته لسود الليالي، فكان هو من غدر بها، وحادثة مقتل الجندي على يد ابن عمه وبطريقة بشعة مروعة وصرخات استنجاد لم تثنِ ذلك القريب عن فعلته النكراء، وللأسف كل هذا باسم الدين والتقرب إلى الله والدين بريء منهم ومن فكرهم وأعمالهم.
لم تكن هذه فقط بل تفجيرات واستهداف للوطن والخروج على ولاة الأمر، هذا إرث البغدادي وتنظيم داعش في ذاكرتنا.
ليس المهم قتله رغم سعادتنا بذلك، والاحتفال بذلك الحدث وجعله مادة إعلامية دسمة، حتى الكلب الذي ساعد في تلك العملية تم تمجيده بالألقاب والأوسمة. كل هذا لم يكن مهماً بالنسبة لنا كمجتمعات اكتوت بنار تطرفهم ودعشنتهم لأفكار الكثير، المهم هل فكر تنظيمه وتطرفه الأيدلوجي الذي يهدد أمن المجتمعات بعمومها سيختفي من بعده؟ والتابعون له فكريًا هل سيتطهرون من فكره؟ وكيف الوصول لذلك؟. وهل سيكون الوجه الأخير من صور التطرف الديني؟ أم سنجد صورًا جديدة مستحدثة لضرب مجتمعنا؟ ونحن نعي جيدًا أن أعداء بلادنا كثر وأنها مستهدفة.
بذلت المملكة جهودًا ملموسة لمحاربة التطرف الفكري سواء في العالم الافتراضي والحقيقي وعلاج المتورطين فيه، وكانت من أبرز جهودها وآخرها إنشاء مركز الحرب الفكرية واعتدال والتي تهتم بمكافحة الإرهاب فكرياً، وكذلك تجفيف منابع تمويل الإرهاب وتبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالمنظمات الإرهابية بين الدول ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح. والمملكة تملك خبرة مميزة للتعامل مع التطرف الإرهابي، وقد عانت كثيرًا على مدى العقود الثلاثة الماضية من الإرهاب الذي ضرب أهدافًا عسكرية ومدنية، وواجهت ألفًا و75 مخططًا إرهابيًا في البلاد منذ عام 1987، منها 844 كان لها تأثير مدمّر، مع إفشال 231 مخططاً، إضافة إلى وفاة وإصابة 3 آلاف و178 شخصًا بسبب الإرهاب خلال هذه الفترة، وهذا بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ولكن مع هذه الجهود الجبارة لن نستطيع تحصين مجتمعنا من التطرف الفكري مهما كان نوعه دون وعي الأسر بدورها في ذلك، إنها صمام الأمان والمعين للمؤسسات المجتمعية والجهود المبذولة من الدولة، ويجب أن نسعى لتثقيف الأسر بدورها ونشر الوعي.
الزبدة:
الميزة الوحيدة التي تجمع بين الناجحين في العالم تكمن في قدرتهم على تحمل المسؤولية
«مايكل كوردا»