رقية سليمان الهويريني
لئن انكشف ستر بعض القضاة ممن تسببوا بظلم الناس أو عمدوا للتزوير والاختلاس تحت غطاء ديني؛ فإن مسؤولية وزارة العدل لا تتوقف عند ذلك، بل لا بد من تطهير سلك القضاء من الشوائب والأطماع التي تنخر في نفوس بعض منتسبيه!
ولئن انخدع البعض بمظاهر التقى والورع التي تختبئ خلفها نفوس شريرة! فقد ظهرت للعلن مزاعم القاضي الذي ادعى أن جنيًا قد تلبسه ودبر له مكيدة وزور وثائق للإيقاع به فأخفق في الحكم؛ وجاء الحكم قاصفًا عليه بالسجن والجلد والفصل، بما يؤكد أن لا أحد فوق القانون في عصر الحزم السلماني.
والحق أن وزارة العدل تسير بمنهجية رصينة إزاء مسيرة تطهيرها لسلك القضاء الذي يجب أن ينأى بنفسه عن مطامع وميول ذاتية ونظرة دونية للضعفاء والمرأة، وقد نجحت الوزارة مؤخرًا بمتابعة أحكام بعض القضاة ونقض بعضها، كما تراقب ما كان يحصل في المحاكم من ظلم وتعدٍ وعدم إدراك حاجات الناس، مثل إقرار العضل وقضايا المعلقات وعدم إلزام الأب بالنفقة على أبنائه، ناهيك عن تسليم الأبناء للزوج دون النظر لمصلحتهم. ويجري الأمر على التلاعب بالصكوك والنصب في بيع الأراضي بطرق غير شرعية وغيرها!
ولقد سررت بما أصدره المجلس الأعلى للقضاء وإقراره بكف يد بعض القضاة عن العمل، ورفع الحصانة عن بعضهم، وإخضاع آخرين للتحقيق وسجن المدان على خلفية تجاوزات كبيرة منها اختلاسات وإصدار صكوك غير نظامية.
ورفع الحصانة عن قاضٍ مذنب والتحقيق معه خطوة سريعة ونقلة نوعية رائدة تستحق الإشادة بوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، كما أنها تعد بطاقة حمراء لكل من يحاول العبث بالقانون ممن غطّت الحصانة عيونهم وقلوبهم عن الحق والعدل، وحولتها لعصا غليظة ضد أي انتقاد أو تجاوز شرعي أو نظامي، وجعلت القاضي فوق الشبهات. برغم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم « قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة» بما يؤكد إمكانية خطأ القاضي حين لا يلتزم العدل والإنصاف!