الوطن الصغير مساحة، الذي تفترش شجرة الأرْز كمشعلٍ حضاريّ علمه الحيّ، الوطن الكبير الذي يجاور البحر المتوسط منارة دائمة للشرق كما عرفناه.
لا بد من القول بدءًا،إن الذين أرهفوا إلى الأخبار آذانًا عطشى، وأصغوا بعيون قلوبهم، هم تقريبًا الذين شاهدوا وتابعوا مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا وختموا بالسودان، وينتظرون الجزائر بتوجّس!
أنا من هؤلاء الذين رأوا بلدَ (الأرْز منتفضًا والشعبَ مبتهجًا والناسَ بالساحات تلتحمُ) الحديث عن مسقط رأس مؤلف كتاب (النبيّ ) و(الأجنحة المتكسرة): جبران خليل العظيم لا جبران السياسيّ؛ آه..يجب القول إنّي:»عمْ أحكي عن لبنان»
من لبنان انطلقت أقوى وأعذب الأغاني الوطنية للجنوب الصامد فصارت أيقونة للمقاومة والصمود تجاوزت الحدود، لبنان القادر على اجتراح الجديد وتصدير الكفاءات، وتقديم الثقافة والفن وكل المعارف الحديثة. من لبنان أصبح لمفردة (الجنوب) سحرها ووقعها في الروح والوجدان.
اليوم، وفي تظاهرات الشارع اللبناني، سنكتشف المزيد من الاختلاف، وسنسمع أفكارًا لو صدَقت وطُبّقت فستجعل البلد يعيش إصلاحًا تاربخيًّا يكفيه 100 سنة إلى الأمام.
ومع المشهد البصري الذي ملأه البعض بالطرائف والإثارة، أقول: من الأفضل أن نتذكر أنّ ما يلبسه الناس ليس خاصًا بالمظاهرات، بل هو لباسهم ولباسهنّ (قبل وبعد)! وما مشاهداتنا لما (هنّ) عليه في الشارع إلا التعبير الجليّ لما هو سائد في الحياة اليومية واعتادت عليه الثقافة اللبنانية.
لبنان ذو وجه جميل على المستوى البشري وعلى المستوى الحضاري، فأرجو من إخوتنا في بلد الأرز والطباعة والكتاب والإعلام والإشعاع المعرفي، أرجو منهم/نّ المحافظة على الوجهين معًا.
للمتابع أن بنزعج من بعض المقاطع والفيديوهات، ولكن، أرجو ألا نختصر الواقع في محتواها، وألا نركّز على اللباس فيضيع المتن والهامش والاقتباس؛ وكما تأملنا، ووضعنا أيدينا على قلوبنا في حالة البلدان العربية، وهو تتوق للتغيير؛ أقترح أن نصغي إلى المخاوف المتوقّعة حول قدرة العلَم (الأرْزي) وكذلكم القرار الوطني على إزاحة أعلام أخرى داخلية وخارجية استوطنت الضاحية، وشوّهت (سابقًا) الشوارع والميادين بـ(الزَّعْرنة والتحشيد) ورَهَنت، حتى اليوم والغد القريب، السيادةَ وجزءًا من القرار إلى العمائم ما ظهَر منها وما بطَن.
** **
- ظافر الجبيري