إبراهيم بن سعد الماجد
كتبت في هذه الزاوية قبل أيام مقالة تحت عنوان (أسماء سعودية في طي النسيان) ووجدتني أول المقصرين في التذكير أو تذكّر بعض الأسماء الكبيرة، التي كان لها دور في تأسيس أو بناء هذا الوطن، ومع ذلك لا يعرف الكثير عنها إلا مجرد الاسم، وربما لا يُعرف الاسم أيضاً.
من الأسماء الكبيرة والتي لها ارتباط وثيق بمؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ابنه الأول أي بكره، ( تركي) هذا الاسم الذي كان يلقب به الملك عبدالعزيز كونه الابن الأول، لكن هذا الابن لا يعرف سيرته إلا القليل، وقد صدر كتاب عن: مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، تحت عنوان: الأمير تركي الأول بن عبدالعزيز آل سعود -هكذا دون وصف لمحتوى الكتاب- وإن كنت أرى لو أضيف ما يكون مشوقاً، والكتاب في الحقيقة يحتوى على مادة مشوقة، كتب مادته: وليد بن محمد البشر وإبراهيم بن عبدالعزيز اليحيى.
ولد الأمير تركي الأول على أصح الأقوال عام 1313هـ كما ذكر ذلك عبدالله بن صالح العثيمين -رحمه الله- مستنداً على الملك سلمان -حفظه الله- في صحة هذه المعلومة، وكفى بالملك سلمان سنداً موثوقاً.
والأمير تركي الأول هو الشقيق الأكبر للملك سعود -رحمهما الله- ووالدتهما الأميرة وضحى بنت محمد آل عريعر من الأسرة المعروفة من بني خالد.
يقول منصور الهاجري، كما نقل المؤلفان لهذا الكتاب: إن الأمير تركي أرضعته فاطمة بنت هلال المطير، زوجة حمد بن محمد بو حمد، كما أرضعت سعود وأختهما.. وكانت وفاة الأمير تركي عام 1337هـ أي أنه عاش -رحمه الله- نحو 34 سنة. وتذكر المصادر الغربية إلى أن الأمير تركي شارك والده في معارك التأسيس، وكان له دورٌ بارز ومهم.
ورد اسم الأمير تركي في كتاب (الشخصيات العربية في أوائل القرن العشرين) Twentieth century Arabian Personalities of The Early مع ذكر لمحة مختصرة عن حياته جاء فيها: تركي بن عبدالعزيز الابن الأكبر للأمير الحاكم، يبلغ من العمر 20 سنة تقريباً، عينه والده لأكبر تحرك من القصيم إلى جبل شمر في ربيع 1916م.. وهذا يعطي مؤشراً على اهتمام الملك عبدالعزيز بأبنائه وهم في ريعان شبابهم، حيث يوكل لهم المهمات الجسام، بل الغاية في الخطورة.
تركي الأول يُعد في الحقيقة من رجالات التأسيس، وقادة المؤسس، الذين أبلوا بلاء حسناً في مواقف كثيرة. ومما يتصف به هذا الأمير الشاب دماثة الخلق ورزانة التفكير، وبعد النظر، وله مواقف ومراسلات مع إخوته تؤكد ذلك.
وكان الملك عبدالعزيز يفتخر بابنه تركي وما يحقق من إنجازات، ويرى له مستقبلاً في إدارة شئون الدولة، ففي رسالة من الملك عبدالعزيز إلى الوكيل السياسي البريطاني في البحرين جور دون لوك في 23 ذي القعدة 1335 هـ يقول الملك: (لم يحدث أمر ذو شأن إلا بهذه الأيام ورد إلينا مظفريات الابن تركي العبدالعزيز وهي: أن المومئ إليه كما ذكرنا لسعادتكم بتحريراتنا السابقة كان يغتنم الفرصة للهجوم على ابن رشيد، أرسل كشافته وصادفوا على ابن عجل من قبيلة شمر فأكان عليه وعلى ابن نحيت والحنانية، وفرق كثيرة من قبيلة حرب التي مع ابن رشيد ونكلهم أشد التنكيل، واغتنموا غنائم كثيرة، إلى آخر رسالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-).
وكان رد جور دون: «بالشرف أعترف مع تشكرات وصول كتابكم المؤرخ في 11 سبتمبر 1917م 23 ذي القعدة 1335هـ فبخصوص مظفريات محروسكم تركي على العدو، أقدم لكم خالص تبريكاتي على الحادثة المباركة، وألتمس منكم أن تبلغون تبريكاتي كذلك إلى محروسكم تركي، هذا ما لزم ودمتم محروسين».
ومن جانب آخر فقد مارس الأمير تركي مهمات أمنية، ففي الوثيقة المؤرخة في 20 شعبان 1335 هـ الموجهة إلى نواحي القصيم يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم من تركي بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى من يراه من البادية، السلام عليكم وبعد،، من طرف العين، لا أحد ينزلها، يكون معلوم، والسلام».
هذا هو تركي الأول، الذي عاش قليلاً، لكنه أثر كثيراً.
الشكر للمؤلفين الكريمين، على ما أوردها من معلومات، لا شك أنها كانت مضنية، لكن أمانة البحث جعلتهما يبذلان جهداً مقدراً.. كما أشكر الأخ الكريم عبدالله الخميِّس الذي ما أن علم ببحثي عن هذا الكتاب، إلا وسارع وأحضره لي.
أختم بأن ما ذكرته في هذه المقالة لا يُعد إلا نزراً يسيراً مما احتواه هذا المؤلف الجميل.