أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: هو (أدونيس) العفن: تحدث عن (الثورة الثقافية) في مجلة (الآداب) في عددها السادس في السنة الثامنة عشرة، 1970ميلادياً /1392هجرياً، ص9-11؛ فقال فض فوه: ((في مستهل كلمتي عن (الشعر والثورة) التي نشرتها (الهدف) في عددها رقم 20، تاريخ 6 كانون الأول 1969ميلادياً /1391هجرياً، والتي كانت موضوع نقد في مقالة (محمد دكروب)، المنشورة في العدد الماضي من (الآداب) أيار (مايو) 1970ميلادياً/1392هجرياً بعنوان (الشعر والثورة).. أقول بالحرف الواحد: (إن الثورة هي علم تغيير الواقع؛ والشعر الثوري هو البعد بهذا المعنى، لا يجيىء من الماضي؛ بل من الحاضر والمستقبل؛ إنه فن الممكن لا فن الواقع).. وفي مكان آخر أقول: (إذا كانت الثورة تحويلاً جذرياً شاملاً للعلاقات الاجتماعية الاقتصادية الثقافية الموروثة: فإن الشعر الثوري هو تجسيد هذا التحويل بواسطة اللغة.. إنه تحويل إبداعي باللغة معادل للتحويل الإبداعي بالعمل).. وفي مكان آخر أقول: (الشاعر عامل من عمال الثورة؛ لكنه يعمل للغة؛ اللغة؛ إذن هي أداته الثورية، وكما أن العامل الثوري ينقض بالعمل الثوري الذي هو بنية الحياة الاجتماعية الماضية: فإن دور الشاعر هو أن ينقض باللغة الثورية بنية الحياة الشعرية الماضية، وإذا أدركنا أن ليس هناك انفصال بين اللغة والحياة: فسيتضح لنا أن دور الشاعر لا يقتصر على تثوير اللغة؛ أي تنقيتها وغسلها؛ وإنما يتجاوز ذلك إلى تنقية الفكر؛ وبالتالي الإنسان والمجتمع).. وفي مكان آخر أقول: (أن يكون الشاعر العربي ثورياً يعني أن يختلق باللغة في ميدان الثقافة معادلاً لما يختلقه الثائر بالعمل في ميدان الحرب؛ وهو أن يكتسب الثورة).. وفي مكان آخر أقول: (الشعر الثوري العربي هو الذي ينشأ إذن داخل الحركة الثورية خارج الثقافة البورجوازية، أو التقليدية الموروثة خارج قيمها ونظرتها ومؤسساتها وضدها على السواء).. أقول أخيراً في مكان آخر: (الشعر إذن والثورة شيء واحد ينفصلان حين تميل الثورة إلى أن تجمد في نظام تحافظ عليه.. إنه (أي الشعر، والفن) منفصلان عن النظام، مرتبطان بالثورة من حيث هي حركة مستمرة، وتجاوز مستمر).. لقد أكثرت من الشواهد؛ لكي يكون في إمكان القارىء أن يدرك بشكل واضح مباشر: أن ما ذهب إليه (محمد دكروب) في مقالته التي أشرت إليها: لا يقوم على أساس عدا أنه يشوه وجهة نظري ويحرفها؛ وها أنا أذكر القارىء بما ذهب إليه، ويمكن تلخيصه فيا يلي: أولاً يذهب إلى أنني أفصل بين الثورة والشعر الثوري.. وثانياً يذهب إلى أنني أهدف إلى تغيير الشعر، لا إلى إسهام الشعر في تغيير الواقع؛ أي يهمني كما يرى: تغيير بنية اللغة، ولا يهمني الإسهام من خلال هذا في تغيير بنية المجتمع.. وثالثاً يذهب إلى أنني أرى أن الحركة الثورية للجماهير شيىء، والشعر شيىء آخر.. (الآداب ص122-123).. ورابعاً يذهب إلى أنني أجعل الفن الثوري موازياً للثورة؛ أي منفصلاً عنها، غير مؤثر فيها.. (المصدر نفسه، ص124).
قال أبو عبدالرحمن: مقالة (أدونيس) عدوي وعدو الأمة العربية عموماً، والإسلامية خصوصاً من ص9 إلى ص11 قبل مقالة (حليم بركات)؛ من اللغو والتمعلم ما ليس فيه إلا المزج بالريح؛ وهكذا حاله في كل مقالاته منذ أتيح له العبث بتاريخ الأمة إلى هذا اليوم؛ وحسبي الآن تناول بلاغمه بالتحديد على هذا النحو: أولاً قوله: (الثورة هي علم تغيير الواقع)؛ فهذا يعني أن الواقع عند كل أمة باطل، وليس عند أي أمة واقعاً صحيحاً يثبت ولا يغير!!!؟.. ثانياً: أن الشعر الثوري عنده هو البعد اللغوي بالمعنى الشامل لكلمة لغة؛ ووصفه بالعلم المتغير، وأنه لا يجيىء من الماضي؛ بل يجيىء من الحاضر والمستقبل.
قال أبو عبدالرحمن: أيها الأحباب: إحمدوا ربكم على نعمة العقل؛ وهذا الواغش (أدونيس)؛ وبئس ما اختاره لنفسه من هذه التسمية لو كان من أهل الإيمان؛ ودعاواه هاهنا باطلة جملةً وتفصيلاً؛ لأن اللغة إرث من الماضي جيلاً بعد جيل؛ ولأن ما كان من اللغة آتياً من الحاضر، أو سيأتي من المستقبل؛ وقوله: (آتياً من الحاضر) بصيغة الماضي: يليق برعونته إن كان لا يعلم ما يقول، أو كان متعمداً التضليل؛ وهذا هو الأرجح: فكل ذلك يعني اشتقاق اللغة الجديدة من لغة أجنبية؛ فتميز المشتق بصيغة المفعول؛ فتلك لغة حادثة الاشتقاق، وليست ملغيةً اللغة المتوارثة بصيغة المفعول؛ وإما أن تكون ارتجالاً بتاريخ ارتجالها لا تلغي شيئاً من اللغات المتوارثة؛ وإلى لقاء في السبت القادم إن شاء الله تعالى، والله المستعان.