محمد آل الشيخ
قرار استقالة سعد الحريري من حكومة الرئيس ميشيل عون ربما أنه أهم قرار اتخذه الحريري في حياته السياسية، وأصلح به قراره الخاطئ وغير الحصيف عندما اشترك مع عون في حكومة عرجاء معيبة يسيطر عليها وعلى قراراتها حزب الله عميل الولي الفقيه الإيراني في لبنان، كما أن قراره هذا كان صفعة جريئة وشجاعة تلقاها أمين عام حزب الله عندما هدد من يقدم على الاستقالة بالمحاكمة، وكأنه هو الآمر الناهي في لبنان، والرئيس عون ليس سوى (دمية) في يد هذا العميل.
وليس لدي أدنى شك أن حزب الله يواجه بعد الاستقالة مصيراً في غاية الصعوبة، فهو لن يجرؤ على مواجهة (كل) اللبنانيين بقوته المسلحة، التي يتباهى بأنها الأقوى في لبنان، وفي الوقت نفسه لا يستطيع ومعه التيار الوطني الحر، حزب عون، أن يشكل حكومة ذات لون واحد سيقاطعها أغلب اللبنانيين، إذا ما نصب رئيس وزراء سني محالف لحزب الله يفتقد لمعارضة أغلبية الطائفة السنية له، أضف إلى ذلك أن وضع لبنان المالي هو الآن على شفا الانهيار ولن يستطيع مواكبة متطلبات المتظاهرين التي تحتاج إلى تمويل عاجل لإنقاذ لبنان من وضعه الحرج الذي يمر به مالياً واقتصادياً، ناهيك عن القيود المحكمة التي وضعتها السلطات الأمريكية على الحزب، وكل من يتعامل معه؛ أضف إلى ذلك أن إيران لا تستطيع مساعدته كما كانت تساعده في السابق.
استقالة الحريري وضعت الحزب والرئيس عون في خانة (اليك) كما يقولون، فمعدلات البطالة التي تقدر بأكثر من 30 % ستزداد قطعاً، كما أن أرقام الفقر ستتفاقم أكثر، أما الأسلحة التي زودته بها إيران لا يمكن أن يحولها إلى أرغفة خبز ليأكلها الفقراء، بل أن احتفاظه بها، وبجاهزيتها، ستكون وبالاً عليه، فالمقاتلون في ميليشياته هم في حاجة ماسة إلى الأجور التي يقال إنها لم تعد منتظمة كما كانت قبلاً، وإذا فقد أفراده الأجور سينعكس ذلك على تسرب الكوادر التي تتكون منها قواته، وليس ثمة مؤشرات تدور في الأفق من شأنها إمداده بالتمويل.
ولعل هذه الأزمة، أو هي على الأصح (الورطة) كانت من أهم نتائج الحصار الأمريكي على دولة الملالي، التي ظهرت انعكاساتها جلية في لبنان.
صحيح أن حزب الله يملك من القوة والعتاد ما يجعله بالفعل أقوى من الجيش اللبناني، لكن كل هذه الأسلحة هي في نهاية الأمر قطع من حديد، تحتاج إلى أفراد كي تكون فاعلة، وهذا ما يفتقده الحزب فعلياً، وبشكل قد يتزايد مع مرور الأيام، الأمر الذي يجعل حزب الله أشبه ما يكون بطائرة تفتقر للوقود كي تقلع.
ومن هنا يمكن القول إن حزب الله ليس أمامه إلا الرضوخ لكل ما يطلبه المتظاهرون، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وإجراء انتخابات مبكرة، والقبول مضطراً لنتائجها، وإلا فإن لبنان بأكمله وليس الحزب منفرداً مآله إلى الانهيار.
إلى اللقاء