فهد بن جليد
الشيف العالمي قدَّم لنا قطعاً من السالمون (نصف المشوي)، وقد وضع فوقها حبات الفراولة، وسكب عليها شيئاً من صوص الزنجبيل، وزيَّنها بدقيق القرفة المطحونة، ووضع على حوافها فص الثوم، يعني (الله وكيلك) لو أنَّ زوجة قدمت هذا الطبق لزوجها، لباتت تلك الليلة في بيت أهلها، ووصلت فضيحتها لجلاجل بأنَّها لا تفرق بين أنواع الأطعمة المالحة والحالية، ولا تصلح أصلاً كربَّة منزل، ولكنَّ (عطران الشوارب) يتلذَّذون بالطعم، ويطلقون أصواتهم بتعجُّب في وجه الشيف الخواجة (ممممم واااو بيرفكت)، بجواري أحد الزملاء الإعلاميين العرب، فتح (فاه) في وجهي وهو يقول: (الله الله) إيه الاختراع ده؟ حاجة ما حصلتش قبل كدا، على فكرة الخواجات دول يجمعوا بين الطعم والقيمة الغذائية، بُص الراجل راسم لك الطبق إزاي؟ تُحفَه!
الحصَّة الثانية حاول فيها الشيف السعودي الشاب أن يقدِّم لنا مهارات جديدة، في تقديم الاستيك المشوي، بعد أن وضع فوقه خلطة خاصة بنكهات متنوّعة، لا تقل غرابة عن طبق الخواجة أعلاه، خطأه الوحيد أنَّه كان يشرح لنا بإسهاب الإضافات التي وضعها باللغة العربية، وأنَّها المرة الأولى التي يجرِّب فيها هذه المكونات مع بعضها (كنوع من التشويق)، الناس كانت تُحاول أن تُجامل وتبتسم، ولكنَّ لأنَّ (مزمار الحي لا يُطرب) فقد كان القبول محدوداً، والتعليقات تُطالب بعدم العبث في أصول الأطباق المتعارف عليها وتقديمها كما هي، على طريقة الأخ العربي (إيه ده ياستاذ فهد؟) إحنا حنفتي في كل حاجه؟ اللحمة الاستيك الضاني وبالقري مالهاش خلطات أبداً، دي تنزل عالطاولة (ربي كما خلقتني) بس كده؟
في مكان آخر التقيت شيفاً (عربياً عالمياً) رحب بنا على طريقته (كيفك خيِّ فهد؟) مش مبيَّن ما حدا بيشوفك يعني؟ تعا هون (دوقلي) هالطبق، هيدا سميته من (بيروت إلى الرياض) مرتب على ذوقك، رز مبخر منقوع بميّ ورد، لحم مدهون بالزعفران والهيل مطبوخ 36 ساعة، قشر برتقال، وحبات الورد اللي منثورة هون، يخيِّ هيدا منكم وفيكم بيشبه المدفون والمندي بس بطريقه عصرية أكثر، طبعاً تعليق الأخ العربي بالجوار كان واضحاً (إيه الجمال ده يا معالي الشيف؟) ده مُعطِّر للفم مُش طبق للأكل بس!
أسفل المُدرج كان مجموعة من السعوديين الشباب يقدِّمون مهاراتهم في طبخ الخروف المشوي على الجمر، ويشرحون ذلك للحضور وهم يوزعون قطع من اللحم، على طريقة الكبسة الشهيرة، هنا ركض الزميل العربي إلى الإستيج وهو يقول (إلحق اللحمه يالا) هي دي الحاجة اللي محدش بيجاريكوا فيها.. ضحكت وأنا أتأمل المشهد، متسائلاً: هل يمكننا كسب الثقة وتغيير الصورة فعلاً كأبسط حقوقنا الطبيعية؟ أم أنَّ بعض الأشقاء والأصدقاء العرب لا يريدونَّنا أن نخرج عن تلك (النمطية) التي يروننا فيها حتى في الأكل؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.