د. خيرية السقاف
أن يكون الاستثمار في الإنسان،
فهذا يعني حرث ما فيه كما تحرث الأرض..
وللإنسان مكوناته، وإن تشابهت.. فإنها مغايرة، ومختلفة..
فكل فرد بشر في باطنه منجم، وفيه ثرى،
هي موارد طبيعية حين تُسقى عذباً تثمر ينِعاً، وتُستثمر..
في معية ثلل البشر يعيش الفرد منهم..
وفي توحُّده مع ذاته يكون الاختبار:
ما الذي فيَّ قد عُني به، أطْعِم، وأسْقيِ، وما الذي أُهمِل حين كنتُ غضاً، على فطرة لا أعرف، لا أعلم، لا أقدر؟..
وحين يقف بكل ذلك ناهضاً من فطرته، على سديم مكوِّناته تكون الإجابة،
ويأتي السؤال؛
فمن استُثمرت فطرته من قبل؟
وكيف يفعل من يستثمر ذاتُه مكوناتِه من بعد؟!..
يحدث هذا حين تضج فيه مقدَّرات بعضُها رَويٌّ، وآخر خامٌ ،
فيتأمل ما الذي فيه عرضت إليه يد فكر بعناية، أو الذي ما بُذل له جهد بوعي؟..
في كثير تكون البيئة غير آهلة بالإمداد، ويكون الطريق لخبايا الفرد محاطاً بالعثرات،
فتأخذه الأيام لدروبها، وتزجه في معمعتها، وتفتح له منعطفاتها..
فيستثمر هو ذاته مكونات ذاته..
والبشر المتفوقون عركتهم الصعوبات، وصقلهم الحرمان فمن هؤلاء من سطع نجماً،
ومنهم من غُمر غرقاً..
في حين تطورت للإنسان في الحياة الوسيلة، والمعلومة،
وتيسّرت له الإمكانات باختلافها، يسيرها، وعظيمها، وإنه الآن في حقبة الاستثمار..
وحين يكون في البشر، تبسم للحياة شفتا الأمل، ويتاح فيها المضمار..
ولن تسطع شمس سعادتها ما لم يكن للاستثمار البشري فيها الهدف، والعطاء منه النتيجة..