سارة السهيل
اشتعال الحروب الداخلية في عالمنا العربي ناتج عن إعادة بعث الإثنية العرقية والطائفية المذهبية، وباستخدام ورقة الإرهاب الداعشية وغيرها التي زرعتها المخابرات العالمية وجعلتها خنجراً مصوباً في صدر الشعوب العربية.
فالفتن تجتاح عالمنا العربي وكأنه إعصار تسونامي يهدر دماء آلاف الأبرياء ويشرد الملايين ولا يزال في عنفوانه، فيهجم على العراق ومن بعده سوريا واليمن وليبيا في فخاخ التشرذم العرقي والتحارب على تفتيت كيان الدولة الممزق.
وما أن تفيق الشعوب من دوامة الدم المهدر في بحار مصالح القوى الكبرى، فتنطلق صيحات المصالحة للحفاظ على كيان الدولة حتى تتم تصفية أيّ رجل عربي يقول كلمة الحق ويسير في طريق الإصلاح.
بات جليّاً لشعوبنا أن الفوضى العارمة التي نعيشها منذ سنوات كانت تنفيذاً عملياً للفوضى الخلاقة التي قالت بها كونداليزا رايس، إنها حلم الديمقراطية والحرية التي تمنحها لنا الولايات المتحدة الأمريكية كشعار مقدس تتوق إليه شعوبنا في مواجهة فساد وطغيان الحكام وديكتاتورياتهم.
هكذا بلعنا الطعم ووقعنا في أفخاخ شياطين العصر في تحقيق أهدافهم بشرق أوسط جديد يبتلع بترول وغاز المنطقة ويقوض قدراتها الاقتصادية ويستنزف مواردها لعقود طويلة، لكي لا تبقى من دولنا إلا كيانات عرقية قد يكون ولاؤها للقوى الكبرى حتى تضمن بقاءها واستمرارها.
ففتنة الطائفية الجارية في بلادنا العربية هي الحرائق المشتعلة باسم السنة والشيعة هي سند رئيسي لتحقيق أهداف الحقبة الاستعمارية القادمة في ثوبها الجديد، فبينما تساند أمريكا الدول السنية - فإن روسيا تقف على شاطئ الشيعة وكلاهما يستند في موقفه إلى الحق الذي يراد به باطل «محاربة الإرهاب» عبر تنظيم داعش.. فالقوى الكبرى أحالت بلادنا إلى ساحة معارك دامية مدججة بأحدث أنواع التسليح بدعوى محاربة داعش الإرهابي بينما تقدم لداعش كل أنواع الدعم الفني والسلاح ليكون حصان طروادة وتبتلع به منطقتنا عبر التفتيت والتقسيم الذي سبق وأن حذرنا منه مفكرنا المصري الراحل عبدالوهاب ألمسيري حين قال: «إن الإستراتيجية الغربية تجاه العالم الإسلامي تنطلق من الإيمان بضرورة تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات إثنية ودينية مختلفة، حتى يسهل التحكم فيه».
بعد هذه الحقائق الدامغة ألا يجب أن نلتقي وحدة البيت العربي الذي لا يفرق بين سني وشيعي؟.