فيصل خالد الخديدي
النقد حالة إبداعية يقوم بها الناقد وتأتي بعد الإبداع الأولي للفنان في عمله ومنجزه الفني, ويأتي النقد في شكله المعاصر محللاً وفاحصاً بشكل منهجي للأعمال الفنية باحثاً فيها مقوماً ومطوراً مستشرفاً رؤى سيرورتها المقبلة، ولا يذهب بعيداً للتقريض أو التحريض والذم ولا التقصد والهجاء، أو المبالغة في المدح والثناء والإطراء والتحيز, فالنقد حالة إبداعية تبحث في صمت النص وتكشف المسكوت عنه وتستنطق مخبوءات العمل الفني ومكامن إبداعاته ليبوح بها، وليفتح العتبات الأولى من تهجي العمل للمتلقي، وغدا النقد بوصلة إبداعية للمتلقي وللفنان المبدع تشير لأفضل الطرق والاتجاهات لكل منهم، كل ذلك وأكثر يحققه النقد الفني مما جعل منه ضرورة لا غنى عنها في مختلف المجتمعات التشكيلية, وفي الساحة التشكيلية المحلية تأخر كثيراً الاهتمام بالنقد الفني ولم يكن على القدر المطلوب فتشكل واقعه بجهود فردية تتراوح بين الغياب والحضور من خلال بعض المنابر والمنصات التي آمنت بأهمية النقد وضرورته فترات، ومن خلال الصحف أيضاً ومواقع التواصل.
(ملتقى النقد التشكيلي الأول) ضمن مبادرة مسك للفنون 2019م أبرز وأول حدث مستقل يهتم بالنقد وخطابه في الساحة التشكيلية المحلية وهو يشكل نواة وبداية تؤسس لحراك منظم يهتم بالنقد التشكيلي وإصداراته وملتقياته وهو ما يرجى استمراره بشكل منهجي، وأن يكون ثمرة من ثمرات الجهود المميزة التي تقدمها مؤسسة مسك في خدمة الفنون التشكيلية والثقافة المحلية في جميع مفاصلها, ويقوم ملتقى النقد التشكيلي الأول على طرح عدة محاور تدور حول الممارسة النقدية التشكيلية السعودية بين تاريخ وواقع ومستقبل الخطاب النقدي التشكيلي السعودي وإشكاليات المنهج والمصطلح وتطبيقات الخطاب النقدي من قراءة واقع الممارسة التشكيلية، ومعالجة أدوات الخطاب النقدي وعلاقته بالخطاب الثقافي العام, في عدة جلسات على مدار ثلاثة أيام يطرح فيها سبعة عشر من المحاورين من نقاد وكتّاب رأي وأكاديميي رؤى وتطلعات للممارسة النقدية التشكيلية السعودية اجتمعوا في أول ملتقى للنقد ليضعوا لبنات بناء في الخطاب النقدي التشكيلي السعودي بتنظيم ورعاية كريمة من معهد مسك للفنون وبتنسيق من لجنة الملتقى الأول والمكونة من الفنانين (عبدالرحمن السليمان, علي ناجع, سعد العبيد).