فهد بن جليد
تخيَّل أنَّ دخلك الشهري تضاعف، فهل ستواجه ذات الظروف والصعوبات المالية التي تعيشها الآن؟ أعتقد أنَّ الجواب غالباً سيكون نعم، بسبب عدة عوامل أبرزها غياب ثقافة الإدارة المالية الشخصية عن الكثير منَّا؟ فنحن نعيش في مجتمعاتنا الخليجية غالباً حالة من الفوضى المالية -إن جاز لنا التعبير- مُعظمنا يصرف دون تخطيط أو تريُّث أو هدف، نتبع الموضة ونُظهر التباهي دون اعتدال، تلبية لاحتياجات غير ضرورية، بهدف التوافق مع الصورة النمطية السائدة في المجتمع بانَّنا جميعاً أغنياء ومُقتدرون مالياً، وهي تبدو صورة نمطية الكل يُحاول اللحاق بها وتقمّصها، بينما التنوّع والقدرة المالية سِمَة إنسانية طبيعية في كل المجتمعات، أسأل نفسك: من هم زبائن مطاعم الـ5 نجوم في بداية الشهر ومنتصفه ونهايته؟ ومن هم متسوِّقو الملابس غالية الثمن؟ ومن هم قائدو المركبات الفارهة في شوارعنا؟ تأكد أنَّهم ليسوا كلهم أثرياء أو أغنياء.
الأشخاص الأقل دخلاً يتأثرون أيضاً بالإعلانات والتسويق، وينافسون الأكثر دخلاً في تلك الأماكن الغالية ولو بالدين أو التقسيط والتمويل حالياً، رغم وجود أماكن أخرى تُناسب دخلهم، إلا أنَّ مثل هذه التصرفات التي تقصم ظهر الشخص، وتدخله في دوامة وأزمة مالية تتكرَّر كل شهر، بالبحث عن الصورة النمطية، ومحاولة ارتداء تلك العباءة الخادعة، لإشباع غريزة الشعور بالغنى والملاءة المالية، والمباهاة أمام النفس أو الأولاد أو الأصدقاء، وهي حالة سائدة في مجتمعنا للأسف يجب مناقشتها بشفافية.
الفكرة ليست في كم يبلغ راتبك الشهري؟ بل كيف تتصرَّف في دخلك الشهري مهما كان؟ والدليل أنَّ أغلب شرائح المُجتمع بمُختلف إمكاناتها المادية، ودخولها الشهرية تُعاني من تسرُّب الراتب، وتشكو عدم كفايته وصموده حتى آخر الشهر، وهو ما يُفسِّر أنَّ المُشكلة ليست في الرقم؟ بل في كيفية صرفه وتقسيمه؟ لا يجب أن يتسلّل اليأس أو استحالة الادخار إلى نفوسنا، وندّعي دوماً عدم كفاية الراتب أو الدخل، فالحل في البحث عن كيفية زيادة الدخل، فإذا كان التوفير والادخار خياراً جيداً، فإنَّ الخيار الأصح هو زيادة الدخل وترشيد النفقات، خصوصاً عندما تعلم أن نسبة ادخار بعض الشعوب الآسيوية يتجاوز الـ 25 بالمائة من دخلها، لنراجع مستوانا المعيشي، ما هي الأشياء التي يمكن الاستغناء عنها أو التنازل عنها أو الحد منها، التخلّص من كل سلوك مكتسب بسبب تقليد مَن حولنا، هو شرط الإجابة بشكل دقيق على سؤال: كم بقي من رواتبنا؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.