د. أحمد الفراج
تواصل رحلة رؤساء أمريكا، وقد قطعت أكثر من ثلثي مسافتها، وضيفنا اليوم هو رئيس، يتميز بخاصيّة لم يتميز بها غيره، فالرئيس قروفر كليفلاند انتخب للرئاسة مرتين غير متتاليتين، إذ انتخب كرئيس في الانتخابات الرئاسية لعام 1884، ثم خسر معركة إعادة الانتخاب في عام 1888، رغم أنه فاز بأغلبية الأصوات الشعبية، تماما مثلما خسر المرشح الديمقراطي، ال قور، في عام 2000، أمام جورج بوش الابن، وكما خسرت هيلاري كلينتون في عام 2016، أمام ترمب، فكلاهما خسر، رغم الفوز بأغلبية الأصوات الشعبية، ومن المفارقات أن الثلاثة كلهم ديمقراطيون، وبعد خسارته، ترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 1992، وفاز بها، وهو سياسي من عيار ثقيل، فاز كديمقراطي، في فترة من التاريخ الأمريكي سيطر فيها الجمهوريون على الحراك السياسي الأمريكي طويلا، بعد انتصار الرئيس الجمهوري، براهام لينكولن، في الحرب الأهلية، وإعادة توحيد أمريكا في عام 1865.
الرئيس كليفلاند محافظ جدا، ولذا كان ضد التوسع الإمبريالي، وضد دعم المزارعين والمحاربين القدامى وقطاع الأعمال، واشتهر بأنه ليبرالي حقيقي، على مذهب الرئيس والمفكر، توماس جيفرسون، وكذلك قال عنه المعلقون في عصره إنه وطني وصادق ونزيه، وتمثل ذلك في حربه على الفساد السياسي، وقد حدث ركود اقتصادي خلال فترته الرئاسية الثانية، وفشل كليفلاند في معالجته، ولاقى نقدا وهجوما شرسا من خصومه، ما جعله يخسر كثيرا من سمعته، وجعل الحزب الديمقراطي يسقط سقوطا مريعا، ومع كل ذلك فإن الاستطلاعات الشعبية والمؤرخين يصنفونه كرئيس متميز، ربما ضمن قائمة أفضل خمسة عشر رئيسا، ولا شك أن الكساد الاقتصادي خلال فترة رئاسته الثانية كان له الدور الأكبر والأبرز في عدم تصنيفه ضمن أفضل عشرة رؤساء كما يستحق، حسب معظم المؤرخين.