قبل أيام احتفلنا بيومنا الوطني في ذكراه الـ89، وهي ذكرى سنوية عظيمة تُصادف الأول من برج الميزان، الموافق ليوم 23 سبتمبر من كل عام ميلادي، والاحتفال على المستوى الشعبي فضلاً عن الرسمي يُكرِّس ارتباطنا بهذا اليوم الخالد في ذاكرتنا الوطنية، ويعزِّز محبتنا لهذا الوطن الاستثنائي بما يقوِّي انتماءنا له وولاءنا لقيادته، وخصوصاً أن يومنا الوطني المجيد يُعبِّر عن ملحمة التوحيد الفاصلة بين الفِرقة والوحدة، ويؤكِّد عمق تاريخنا الوطني العريق الضارب في أرض الجزيرة العربية، كما يأتي متزامنًا مع مرحلة استثنائية تمر بها بلادنا على درب مسيرتنا الحضارية نحو آفاق المستقبل المشرق والمزدهر -بإذن الله- متسلحةً بالعقيدة الصافية، والراية الشامخة، والقيادة الحكيمة، والرؤية الطموحة، التي ستُسهم -بإذن الله- في إحداث نقلات نوعية على شتى المسارات التنموية الوطنية الشاملة.
لذا؛ فإن الاحتفال بهذا اليوم لا يكفي، وخصوصًا لأجيالنا المتعاقبة؛ فلا بد أن يستشعروا القيمة الفعلية ليومنا الوطني ودلالاته الدولية، من حيث أبعاده التاريخية والحضارية التي تتجاوز رمزيته، أو توقيته السنوي، بحيث يستوعبوا هذا الإنجاز العظيم عن وحدة وطنية تمثِّل أنموذجًا لواحدة من أفضل وأقوى نماذج الوحدة الوطنية على مستوى العالم. فلهم أن يتخيّلوا كيف كنا؟ وماذا أصبحنا؟ لهم أن يتخيلوا إمارات صغيرة متباعدة ومتناحرة ومتناثرة، تفتقر للأمن ويلفها الجوع، ويتربَّص بها أعداؤها بين الحين والآخر، ثم يتأملوا كيف تبلورت في إطار دولة كبيرة المساحة، مترامية الأطراف، راسخة الكيان، مهابة الجانب، شامخة الراية، سامقة المكانة، بقيادة شرعية وشعب أصيل في انتمائه وصادق بولائه. هذه الدولة ستبقى -بمشيئة الله- أيقونة المجد في ذاكرة الأجيال السعودية، وعلامة فارقة في سجل تاريخهم الوطني، وروح نابضة بأصالة الانتماء في قلوبهم؛ لأنها تمنحهم الاعتزاز بالعبقرية السعودية الفذة، وتتيح لهم الفخر بالهمة العالية، والإرادة الصلبة، التي جسدّها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (طيَّب الله ثراه) في توحيد قبائل الجزيرة العربية تحت مظلة دولة فتية، وشامخة على طراز الدول الحديثة، فغدت اليوم عمق الخليج الإستراتيجي، وعاصمة القرار العربي، وقلب العالم الإسلامي، وفي مصاف الدول العالمية، المؤثِّرة باستقرار نظامها السياسي، وتميز مقوماتها الاقتصادية، وقوة نسيجها الاجتماعي. من هنا؛ ينبغي على كل مواطن أن يستشعر القيمة السامية لهذه الذكرى الغالية، وأن ينظر إلى واقعه الراهن من خلال البعد الحضاري والشاهد التاريخي لهذا اليوم الخالد. وبذلك يصبح يومنا الوطني ترياقًا لأجيالنا الذين هم عماد مستقبل الوطن، ضد كل من يعادينا، ويحارب دولتنا، ويتهجم على قيادتنا، بأننا سعوديون وشعارنا الهمة نحو القمة، التي لا تليق إلا بدولتنا المملكة العربية السعودية.
** **
moh.alkanaan555@gmail.com