فهد بن جليد
لن أتحدث بأي لغة عنصرية، ولن أنحاز للسعودي ضد الأجنبي في سوق العمل، سأحاول طرح رأيي هنا بكل حياد، لنتفق أولاً أنَّ هناك (صراعاً خفياً) بين الموظف الأجنبي والموظف السعودي-لاحظ أنَّني قدمتُ الأجنبي هنا - كونه المُتهم الأول أمامنا في كل القضايا المطروحة اليوم على الساحة الإعلامية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلماذا هذا الصراع أصلاً؟ ومن المتسبِّب فيه؟ وهل هو أمر طبيعي في كل المجتمعات مع زيادة أعداد المواطنين الباحثين عن عمل؟ وهل ثمَّة دور يمكن لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية القيام به؟ من يحمي الموظف السعودي من تنمُّر وتخوّف المدير الأجنبي؟ وكيف يتجاوز الموظف المواطن الصعوبات والعراقيل التي قد توضع في طريقه؟ ومن يضمن للموظف الأجنبي حقوقه في حال تم إحلال موظف سعودي مكانه؟ وما هو مصيره؟ جميع هذه الأسئلة مطروحة للنقاش، وتبحث عن إجابات؟
لم أعلم -حتى اليوم- بوجود شكوى من موظف مُقيم عن تسلُّط مُديره السعودي ومُحاولة تطفيشه والتضييق عليه بشكل مزاجي، من أجل إحلال موظف مواطن مكانه، دون الاستناد إلى نظام توطين الوظائف المُقرّ والمُعلن من الدولة بمُهلة لتصحيح الأوضاع، بل إنَّ النظام السعودي (المنصف للجميع) يمنع مثل هذا التصرُّف ويُعاقب عليه، ويُعيد الحق للموظف المقيم في حال الإخلال بالعقد ولعلَّ آخر حادثة وقعت هذا الأسبوع بحكم المحكمة العمالية على شركة طيران سعودية بدفع مبلغ 700 ألف ريال لمضيفة مغربية تقدَّمت بشكوى ضد الشركة التي تعمل بها، بينما يحار عشرات، بل مئات الموظفين السعوديين المفصولين في كيفية الحصول على حقوقهم بعد الطرد على يد المدير الأجنبي غالباً، أو بواسطة تخاذل وتعاون موظف سعودي آخر لانتهاز الفرصة بالبحث عن راتب أو عقد أفضل نتيجة تحقيق رغبة المدير الأجنبي.
من خلال مُشاهداتي واختلاطي بشرائح مُتعدِّدة من المجتمع -سعوديين وغير سعوديين- لم أجد سعودياً واحداً يفكر في إبعاد الأجنبي العامل، طالما أنَّ النظام يسمح له بالعمل وهو يملك الكفاءة والقدرة اللازمة، هذه حقيقة ثابتة يمكن التأكد منها في كل مكان، فليس من أولويات المدير السعودي في الغالب أن يسبق نظام التوطين، بل سيكون مُنصفاً لو طبّق حده الأدنى، كما أنَّ المجتمع السعودي بطبيعته وثقافته الممتدة على مدى عقود من دخول غير السعوديين لسوق العمل لدينا، هو مُجتمع مُرحب ومُتعاطف مع الأجنبي كثيراً، ومتعوّد على التعامل معه في بعض المنصات بأريحية أكثر من السعوديين أنفسهم، الذين يحتاجون لوقت أطول حتى يتعوّد عليهم المجتمع ويتقبّل وجودهم في تلك الوظائف، للأسف المشكلة الأكبر هي في تخوّف وخشية المدير الأجنبي من تصاعد وعلو كعب الموظف السعودي الذي يُهدِّد مكانه، وبتكلفة ورواتب ومميزات مالية أقل بكثير ممَّا يُدفع لغير السعودي، وهذه مخاوف يجب تبديدها، حتى لا تتحوَّل إلى مُعضلة يصعب علاجها والتخلص منها، يصعب علي إنهاء المقال قبل أن أخبركم بقصة قصيرة، جرِّب أن تطالب بإنصاف أبنائنا السعوديين، وتحمَّل من سيعتبرونك مُنحازاً أو عنصرياً حتى من السعوديين أنفسهم، لذا أعطني حقي وصنّفني كيفما شئت!
وعلى دروب الخير نلتقي.