د. خيرية السقاف
من فضائل الأخلاق إن أنكر المرء على آخر أمرا، أن يراجعه فيه بلين، وينبهه إليه بأدب،
ويشير له بسبيل الصواب إليه، دون تهكم، ولا استعلاء، وبلا بذاءة، ولا تقليل شأن، ولا مساس بشعور، ولا خدش لنفس..
فذو الخلق حين تكون مقاصده إلى الخير، وغايته السلامة، ومبتغاه نزاهة الفعل، وحرصه لنقاء البيئة، وهدفه شيوع محاسن الأخلاق، وسعيه لطيب العيش فإن وسيلته لسان عفٌّ، ووجدان نقي، وفكر يعي، ولسان صادق نقي، ووجه طلق بهي..
والأخلاق عصبة مقاصد، ومسالك..
وهي ليست وقفا على أناس دون آخرين، ولا على فئات وأخرى، ولم يتخلَّ عنها الإنسان بجميع عقائده، وبمختلف أفكاره، وبكل مستويات معاشه..
الأخلاق ليست لغني دون فقير، ولا لعالم دون جاهل، بل لعل بسطاء الناس أكثر تخلقا بسمات الفضائل، وصفات المكارم، وجزئيات المسالك الراقية، والعالية عن أولئك المدعين علما، وغنى، وفهما، وصدارة في حيث يتحركون..
ولعل من مفاجآت القرية الكونية الصغيرة التي يلتقي أفرادها بعضهم بعضا في مساحاتها الضوئية، أنها وهي تنحصر بين كفتي أيديهم، وتنفسح على مدى لمحاتهم قد كشفت خبايا أخلاقهم، وأبانت عن أساليب تعبيرهم، وقننت مستويات ضوابطهم، وانفلاتهم..
إن الأخلاق ضابط الضعف البشري، ومحور الفضائل السلوكية، ومقود العلاقات البشرية،
ما مصيرها والإنسان المعاصر غارق في مد، وجزر أمواج مفاهيمه عن حريته ؟!..
حريته التي قوامها الأساس هو الفهم الصائب للأخلاق، والتمثل الفعلي لمكارمها، وفضائلها، ومحاسنها في سلوكه باختلاف جزئياته، كليَّتها، وتفاصيلها؟!...