عبده الأسمري
منذ أن تفتحت أعيننا في هذه الحياة ونحن على أرض هذا الوطن.. تعلمنا «التربية الصالحة» الفالحة المانحة لكل جميل في الدنيا.. تشربنا أولى دروس «الحياء» وأكثر مناهج «الذوق» ونحن صغار نربط كل الأخطاء بالعقوبة ونعزز كل الهفوات بالتعويض.
تعلمنا أن الحرية مفهوم «فطري» لا علاقة له بما نشاهده في «التلفاز» ولا ارتباط بينه وبين ما نقرأه في المجلات فقد جبلنا على تربية دينية تحيط «الهوية» الوطنية بإطارات من الالتزام والانتظام وسط قوانين تعلمناها في المنازل وفي المدارس وفي الشوارع وفي كل مكان.. لذا ظل النظام «خط أحمر» لا نستطيع الاقتراب منه أو المساس به.. حتى أن أنظمة الصفوف الأولى ظلت ترافقنا حتى تجاوزنا مقاعد الجامعة.. كل ذلك ونحن نقف مستعدين لتوظيف النظام واحترام الهوية وتحييد الحرية وتقييد الهواية وتصفيد الذاتية بحثا عن «عيش» أمن وحياة مطمئنة يعلوها النظام ويبلورها الانتظام.. محاربين كل الاتجاهات الدخيلة التي تأتينا من «مكامن الفتن» باحثين عن أنفسنا في سلوكنا.. حتى أننا ظللنا ملتزمين بتلك الأنظمة الرسمية والمجتمعية حتى بلاد الغربة..
كل ذلك جعلنا نعيش في «وسطية» الاتزان بين قطب متشدد وآخر متمدد الأول يعاند الحرية ويقتل الهوية والآخر يبدد الاحترام ويبيد النظام..
في سنوات خلت علت صيحات «الليبرالية» المقيتة الخارجة من نظامية «الفكر» إلى عشوائية الحرية التي كانت توجه سهام «الخوارج» لتصيبنا في «مقتل» الالتزام ثم قابلها في المعركة ذاتها سوءات «التطرف» التي تريد أن نعيش في قالب متجمد يصد «التطور» ويحارب «الابتكار».
توالت الأجيال ولا يزال الوجه المجتمعي يحترم النظام ويتوق إلى العيش تحت فروض الالتزام وموجبات التقيد في ولاء لكل القرارات التي توجه «المجتمع» إلى حيث الأمان والاطمئنان وتسير بالشرائح العمرية المختلفة إلى حيث النجاح والفلاح.
رأينا تمكين المرأة وشاهدنا ما خططت له الدولة من مشاهد مميزة في تطوير الفكر الاجتماعي وتحويل الجمود إلى حرية مقننة تقع تحت «يد» القانون وفي قبضة «العقوبة» حتى شاهدنا فعليا تحول الحياة إلى مسارات من التكامل بين الهوية والحرية رغم محاولات بائسة من «السفهاء» والسفيهات» والناشطات والنسويات في صناعة «الجدل وفي توظيف الجهل وفي صياغة مشاهد لا تليق بالمرأة السعودية.
في زمن مضى ليس بالبعيد تم ضبط العديد من المتورطين والمتورطات في مشاهد «الفتن الفكرية» ومعالم «الخراب المجتمعي» متلبسين بجرمهم المشهود..
الذوق العام هو العنوان الأبرز للحرية وقيودها وما أن تنتهك قوانين الحياء حتى تتحول الحرية إلى «ملعب» مفتوح دون حكم ودون نظام حينها تجد «السخافات» مجالها الأوسع للظهور وهنا تعود «اللعبة» من جديد لممارسة الإساءة إلى مجتمع منظم يعي بالأنظمة.
بيننا من يدس «السم» في العسل ووسطنا مأجورون ومأجورات من عملاء السفارات ومن مشجعي الفتنة ومن زبانية «السفه» ومن فرق «العته» ولا بد من إحكام النظام عليهم ومن التفريق بين حرية تلتزم بالحياء والانتماء لهذا الدين ولهذا الوطن وما بين حرية تتمرد على الأغلبية وتتجرد من أدنى درجات الاحترام للنفس وللآخرين.
نشاهد بين حين وآخر مشاهد «تلوث بصري» مقيتة بائسة مثيرة للاشمئزاز مؤلمة أليمة يصعب علينا التفريق بينها وبين ما نراه من تصرفات كائنات أخرى لا تملك «العقل» ولا ترتهن للنظام مما يجعل ذلك مخالفا للمنطق ومعارضا للسوية.. في وقت أرى أن يتم إخضاع من تورط فيها لدراسة عاجلة لسلامة «الجهاز العقلي» والأجدى إحالتهم عاجلا إلى «تقييم لجان نفسية» وإبقائهم تحت الملاحظة في مصحات نفسية وعقلية ومن ثم معاقبتهم وفق حالتهم وتبيين كل هذه الإجراءات للمجتمع حتى يكون على بينة وتبيان.
الضبط أداة فاعلة لوقف مهازل «العته الاجتماعي» و»التهور الذاتي» والانضباط «سلوك» يجب أن يكون عنواناً للحياة في مجتمع تربى على «النظام» وعاش في كنف «السواء» وظل أنموذجاً لتوظيف الأخلاق ومجابهة «السوء».