د. أحمد الفراج
نواصل رحلتنا مع رؤساء أمريكا، منذ أن استقلت عن بريطانيا العظمى، وحتى أصبحت أهم وأقوى إمبراطورية في التاريخ الحديث، وضيفنا اليوم هو الرئيس، وليام ميكنلي، العسكري الشرس، الذي شارك كجندي في الحرب الأهلية الأمريكية، ضمن جيش الولايات المتحدة الأمريكية، ضد جيش الولايات المتحدة الكونفيدرالية، وهي الحرب التي انتهت بانتصار كبير للجيش الفيدرالي، وإعادة توحيد أمريكا بالقوة، على يد الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، وقد فاز ميكنلي بالرئاسة، في عام 1896، ثم أعيد انتخابه في عام 1900، وكان قبل الرئاسة قد انتخب لمجلس النواب الفيدرالي، الذي خدم فيه لمدة ست سنوات، ثم انتخب حاكما لولاية أوهايو الهامة، وكانت فترة رئاسته صاخبة، إذ هي تشبه فترة المحافظين الجدد، الذين جاؤوا بعده بقرن كامل، أي ديك تشيني ورفاقه، دونالد رامسفيلد، وبول وولفوتز، وأمير الظلام ريتشارد بيرل، بزعامة الرئيس جورج بوش الابن.
ونقول إن فترة الرئيس ميكنلي تشبه فترة المحافظين الجدد، لأنه كان يؤمن بالتدخل العسكري والردع، إذ قاد الحرب الأمريكية- الإسبانية، وانتصر فيها نصرا ساحقا، كان من نتائجه أن سلمت إسبانيا مقاطعة بورتيريكو وقوام والفلبين وكوبا للولايات المتحدة، كما أنه ضم مقاطعة هاواي للولايات المتحدة، وقد اغتيل بعيد فوزه بإعادة الانتخاب، ولا ندري ماذا كان سيحدث، لو أكمل فترته الرئاسية، لأن أيدولوجيته الإمبريالية كانت حتما ستقوده لما هو أكبر من الحرب مع إسبانيا، كما تميزت فترته بالرخاء الاقتصادي، ورغم كل هذه الإنجازات، إلا أن المؤرخين والاستطلاعات الشعبية تصنفه في مراتب الوسط، ربما ضمن قائمة أفضل عشرين رئيسا، ولا شك أن تقييم المؤرخين تحديدا يخضع لمعايير علمية وأكاديمية صارمة، أخذت في الاعتبار جوانب أخرى، أخفق فيها، وأثّرت على تصنيفه بشكل عام!.