عمر إبراهيم الرشيد
تتوفر في لبنان على صغر مساحته (10.000كم) مزايا طبيعية وسياحية جعلت منه سويسراً الشرق كما كان يسمى في ستينيات القرن الماضي وما تلاها، إلى اندلاع الحرب الأهلية عام 75 م، والتي انتهت بعد اتفاق الطائف عام 1989م.. بعد انتهاء الحرب الأهلية استطاع هذا البلد الصغير استعادة بعض عافيته، فانتعش اقتصاده واستطاع تعمير بعض مدنه وعلى رأسها بيروت، كما نشطت السياحة العربية والخليجية خصوصاً وذلك فترة التسعينيات تحديداً، إلا أن تداعيات ما سمي بالربيع العربي من جهة، واستفراد حزب الله التابع لإيران بمقدرات لبنان وقراره، كل هذا جعل هذا البلد يرزح تحت نير البطالة وعدم الاستقرار وتوقف التنمية وشيوع الفساد السياسي، بل والبيئي كذلك. هناك حكمة تقول إنه يمكن أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكن لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت، وما خروج اللبنانيين إلى الميادين إلا تعبير عن السخط على واقع ظنت الطبقة الحاكمة أن اللبنانيين قد اعتادوا عليه ولن يطلبوا تغييره ويثوروا عليه، وهو ما يشكل هزة إذا ما استمر هذا الحراك الشعبي كما حدث في بلدان عربية أقل فساداً ومعاناة من لبنان. هناك 12 مليون لبناني يتوزعون في بلدان العالم كمهاجرين يحملون جنسيات دول إقامتهم، ونسبة كبيرة منهم في دول أمريكا اللاتينية، ومنهم من ترأس حكومات هناك ووزارات، ومنهم من أصبح ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم.
ويتميز اللبناني بمهارات يعرف بها على مستوى العالم في العلاقات العامة والأعمال، لمرونته النفسية وقدرته على التفاوض وتحمل ضغوطات العمل. هذا إلى جانب المكونات الثقافية والإعلامية منذ بدايات القرن العشرين، ولعله من الجدير ذكره بأن كتب جبران خليل جبران هي من الأعلى مبيعاً حالياً في الولايات المتحدة، حيث هاجر إليها في عشرينيات القرن الماضي، ومعه أدباء المهجر مثل ميخائيل نعيمة وغيره. إذاً فهذا البلد على صغر مساحته إلا أنه ثري بمكوناته البشرية والطبيعية والثقافية، ولكي يستعيد دوره ومكانته كواحة غناء للعرب فلابد من استئصال هذا الورم من جسده، المتمثل في هذه الميليشيا التي تعربد فيه وفي مقدراته، والفساد المستشري الذي بدد موارده وحرم شعبه من العيش الكريم.
هل هي ثورة الأرز وقد بدأ هديرها؟.. لعل الأيام المقبلة تحمل الإجابة لهذا التساؤل؛ كان الله في عون لبنان وشعبه وباقي بلاد العرب التي تنشد الاستقرار من الحروب التي أنهكتها.. وطبتم في رعاية الكريم.