عبد الرحمن بن محمد السدحان
* ما برح اليمنُ الشقيق يشْقَى بكارثة لم يشهد لها ندًا ولا مثيلاً، بدأت بسوء فهمٍ ففُرقة فخصام فتصدّع فصِرَاع لم يبقِ ولم يذرْ!
* * *
* قبل سنين خلت، زُفَّ الشعب اليمني إلى (بيت الوحدة) والوئام، مكوّنًا مع شطره الثاني كيانًا وحدويًا جديدًا، ففرحنا مع من فرح أملاً وتفاؤلاً انطلاقًا من الإرث التاريخي والوجداني في قلوبنا، واعتمادًا على اليقين بأن كلَّ وحدةٍ تلمُّ شمل المتفرقين من أشقائنا العرب على نحو يشرّفهم ويُرضيهم ويحقّق شيئًا من أمانيهم نحو غدًا أفضل زادًا * * *
* كان الإخوة في اليمن يتطلعون إلى وحدة تلم شملهم، وتقمع شياطين الفرقة والخصام بينهم كانوا يتمنون وحدةً تجمعُ ولا تفرق، وتعزُّ ولا تذل، وتخرس شيطان التناحر بينهم، وهي في المقام الأخير مكسبٌ ثمين للشرفاء من الناس الطاهرة قلوبهم، النقية نواياهم، والرادعة لأعدائهم!
* * *
* يومئذٍ، تفاءلنا مع مَنْ تفاءل بمولد الوحدة الجديدة تشرق على التراب اليمني، فيسعد من أشقاهم أمنُهم فرقةً وانقسامًا، وقدّرنا وقتئذٍ أن للوحدة الجديدة عمقًا من الجذور الإنسانية والجغرافية، وتجانسِ الإرث التاريخي والإنساني بين أبناء الإرث والكيان الواحد، شمالِه وجنوبهِ، وتمنينا مع مَنْ تمنَّى أن يسعد أبناء اليمن الشقيق، من شماله إلى جنوبه، بنمو أفضل ينسيهم شظفَ الشقاء وعُسْرَه!
* * *
* كانت تلك المواصفات في ظن المتفائلين أمثالي أرضًا خصبة تَعِدُ بغدٍ أفضل زاخرٍ بالخير والنماء للجميع، يقوم في ظلها عشٌ وحدوي قادر على الصمود في وجه المحن، وتحقيق الآمال الموْءُودةِ عبر السنين!
* * *
* رغم التفاؤل الجارف، لم يدم (العرس الوحدوي) بين الأشقاء في اليمن زمنًا طويلاً، بل انتكس بعد حين، وأُخْرستْ أهازيجُ (الوحدة اليمنية) الهشة قبل أن تبلغ حدًا من النضج، وقيل يومئذ في تفسير الأمر أن العرسَ الوحدويَّ في اليمن ربما لم يكن (متكافئًا)، فزلزلت الأرض تحت قدميه، وتداعت جدرانه، وبدأت طفيليات الفتنة تخرج من ثقوب الجدران المنهارة، وأخيرًا، أطلّتْ طامةُ الحرب الأهلية بين أشقاء أمس، بنيرها ونارها، ثم هرع (الكيدُ الصفوي) الخبيث من الأرض البعيدة (إيران) ليحشُرَ نفسه بين الفريقين، لا ليكون (حمامة سلام)، بل (صقرًا) ضاريًا يزيد نار الفتنة وقُودًا وقتلاً!
* * *
* أجل.. لولا التدخل الصفوي المشبوه غايةً ونتائجَ، استقطابًا لفريق ضد الأخر فلربما قِيلَ يومئذ أن أهل اليمن أدْرى بشِعابها وجبالها وثرواتها وطموحاتها، وأنها قادرة على مواجهة المدّ الصفوي الغاشم لصالح الوطن الواحد، ولعَادتْ القلوبُ تَتَعانقُ من جديد لصالح الوحدة والنماء والسلام.
واللهُ وحدُه المستعانُ على كل عدو جبار وعنيد!