محمد سليمان العنقري
منذ حوالي عام تم إطلاق برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية والذي جاء في وصفه أنه «يصبو إلى تحويل المملكة لقوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية، في عدد من المجالات الواعدة (مع التركيز على تطبيق تقنيات الجيل الرابع للصناعة)، وذلك على نحو يسهم في توليد فرص عمل وافرة للكوادر السعودية، ويعزز الميزان التجاري، ويعظم المحتوى المحلي. ويركز البرنامج على أربعة قطاعات رئيسة هي الصناعة، والتعدين، والطاقة، والخدمات اللوجستية»، لكن ما مصير هذا البرنامج الواعد بعد أن أصبحت الصناعة والتعدين وزارة مستقلة قبل أقل من شهرين باعتبار أن البرنامج ومبادراته صممت في وقت كانت قطاعات الصناعة من ضمن وزارة الطاقة والصناعة فهل لهذا الفصل أي تأثير فعلي على الرؤية الطموحة للصناعة بالمملكة ؟
بداية قبل أيام نشرت صحيفة الاقتصادية تصريحاً لمعالي وزير الصناعة والثروة المعدنية قال فيه إن توجهاً قادماً للتغيير بآليات تنفيذ برنامج الصناعات الوطنية وأن المستهدفات لن يطالها تعديل كبير، فيما قال إن الوزارة تريد رفع مستوى التناغم بين الجهات خاصة بالأنظمة والتشريعات لتكون ممكنة بشكل أكبر وهو بطبيعة الحال ينعكس على مخرجات البرنامج ونسبة إنجاز أهدافه، وبالمناسبة فإن البرنامج يطمح بأن يضيف للناتج المحلي بحلول عام 2030م حوالي 1200 مليار ريال ويولد 1،6 مليون وظيفة وهي أرقام طموحة جداً وتتطلب دقة كبيرة بتصميم البرنامج ليتماشى مع كل التحديات المحتملة والتغيرات التي تحدث بالاقتصاد المحلي والعالمي ومن أهم ركائز تصميمه أن يكون قد بني وفق اختبار لكل الظروف المحيطة بالقطاع الصناعي والمؤثرة فيه سواء بالبيئة الداخلية أو الخارجية، وبما أن البرنامج مولود جديد فلماذا تعمد الوزارة للتعديل عليه ؟
فإذا كان قد بدأ تطبيقه فعلياً فهل من المنطقي القيام بأي تعديل خلال هذا الوقت القصير خصوصاً أنه تم توقيع عقود بحوالي 62 مليار دولار بين شركات محلية وعالمية مع إطلاق البرنامج أي وفق ما وضع فيه من مزايا جاذبة للاستثمار ومبادرات تنشط القطاع والتي وصل عددها إلى 330 مبادرة، فحتى لو كان الهدف تغيير آليات التنفيذ فهذا لا يمكن فهمه كون البرنامج جديد وخضع لفترة بناء ليست بالقصيرة امتدت لأكثر من عام ونصف العام حسب ما رشح من أخبار عنه سابقاً فهل التغيير الذي يطرح الآن هو نتيجة اكتشاف عقبات بالتنفيذ أم لأن الصناعة انفصلت بوزارة مستقلة وأصبح لها رؤية خاصة للبرنامج تختلف عن النظرة السابقة عندما كانت مع الطاقة بوزارة واحدة وما تأثير ذلك على قطاعات رئيسية مستهدفة بهذا البرنامج تقع تحت مسؤولية وزارة الطاقة حالياً كالغاز والطاقة عموماً، ثم إن البرنامج من بين ركائزه تغيير وتطوير الأنظمة حسب ما هو معلن بوثيقته، فماذا يقصد الوزير بزيادة التناغم هل وجدوا أن التنسيق لم يبن بشكل متكامل مع بقية الجهات ذات العلاقة مما يعني ضرورة إعادة النظر بالكثير من أساسيات هذا البرنامج لمعرفة مدى القدرة على تنفيذه وألا يكون رغبة وزارة الصناعة بالتعديلات التي ينوون التوجه لها جاءت من وجهة نظر جديدة مما يعني تشعب التغييرات فيه وتأخر بتنفيذه.
فصل الصناعة والثروة المعدنية بوزارة مستقلة هو أمر له إيجابيات كبيرة لأننا نستهدف أن تكون الصناعة قطاعاً تنافسياً ليس محلياً فقط بل عالمياً ويعد من أبرز أوجه الهوية الاقتصادية للمملكة خارجياً وهو ما يتطلب تركيزاً كبيراً لدى الجهة المسؤولة عن القطاع، لكن التغيير ببرنامج يعد ركيزة انطلاقة الصناعة بالمملكة خلال فترة وجيزة من إطلاقه أيضاً يطرح تساؤلاً عن السبب لأن هناك من سيقول هل لو استمرت الصناعة على وضعها السابق مع الطاقة بوزارة واحدة سيتم إجراء أي تعديل بالبرنامج بهذا الوقت القصير ؟ مما يعني أن الإيضاحات من قبل الوزارة مطلوبة لتفسير هذه السرعة بطلب التعديلات فهي عوامل تؤثر على قرار المستثمر بتأخير مشروعه أو عدم التوسع لما هو قائم من مشاريع حتى يعلموا ما الذي سيتم تعديله وهل سيكون له أثر على دراسات الجدوى والاستمرار بتأسيس مشاريعهم أو توسيعها.