رمضان جريدي العنزي
غنت فيروز للبنان، القرية والشجر والماء القمر والتاريخ، والبيوت القرمدية العتيقة، غنت للشتوية، والعصفور والمهجر، غنت لبيروت والجبل والساحل وشجر الأرز والأعمدة الرومانية، غنت للبنان: لصخرة الروشة ومغارة جعيتا والبترون ووادي قاديشا وجسر اللوزية وغادة السمان ومي زيادة وأمين الريحاني وإيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران، غنت لمناظر لبنان الرائعة، وطبيعته الخلابة، صيفه وثلجه وشتائه ونسائم ربيعه، حقول تفاحة رمانة وكروم العنب، وغاباته وسنديانه وصنوبره وأرزه، غنت:
بحبك يا لبنان
يا وطني بحبك
كيف ما كنت بحبك
بفقرك بحبك
بعزك بحبك
حتى جاءه نصر الله، انتفخ عليه واستعلى، وبخس لبنان واللبنانيين حقوقهم وحياتهم، وتعامل معهم تعاملاً فوقياً، معجوناً بكل ألوان التكبر والاستعلاء والفشخرة الكاذبة، حتى حوَّله من أرض الحسن والعطر والجمال، لأرض الخراب والدمار والدماء، نزعته الاستكبارية، وفكره السطحي حولت لبنان إلى ما وراء التقدم والازدهار، أقواله زيف ومصلحة وحيل، ونزعته تملقية، وذهنيته ظلامية، طائفي ومتقعر، يجيد اللف والدوران، ويبحث عن مجد شخصي على حساب اللبنانيين ولبنان، يزرع البغضاء، ويحرض على الفصام.
إن ما يحدث في لبنان اليوم، هو نتيجة حتمية لهرطقة هذا المأفون الذي لا يعرف سوى الحرق والهدم والعدوان والخراب، أخذ لبنان من نكسة لنكسة، وهدد السلم المحلي، وأدخل لبنان في متاهات الحروب والاقتتال الطائفي البشع، وشوه الأرض والإنسان والجبل والساحل، وتحالف مع كل نطيحة ومتردية، ما عنده موازين شرعية ولا عقلية، ولا يتفوه إلا ما تمليه عليه إيران، لبنان كان مهوى القلوب والأفئدة، وموئل الفكر، وملاذ الأرواح، وواحة الآداب، ومنجم الإبداع، والوجه الناصع للتنوع الثقافي، حتى جعله موطناً للظلام والاستبداد والفقر والرماد، طائفي مجنون بالعظمة، حتى فقد عقله بالكامل، وتجاوز الحدود والعقل والمنطق، ولن يتاح للبنانيين أن يذوقوا طعم السعادة والسلامة والكرامة وهذا السلطوي يجثم على صدورهم، ويأخذ منهم الامتيازات والمكاسب، ولا سبيل للخلاص من هذا الكابوس المرعب، إلا بإرادة قوية من اللبنانيين برفض هذا المعتوه الأحمق وإرساله وعمائمه وزعرانه نهائياً وبلا رجعة مع أول قارب لطهران، عندها يعود لبنان كما عرفنا حراً أبياً، وموطناً للتنوع الثقافي، وعندها تعود فيروز تغني:
بلدي
يا قصة الجداول يا لون البراري
يا ملعب عصافير يا حكاية نواطير
ذهب السنابل ودروب الذهب
يا مواسي الأيام يا بلدي