(ليس أصعب من تقرر إحالتك مقالاتك إلى كتاب) بهذا يبدأ الزميل عبدالله الذبياني تقديم كتابه (مقابسات إعلامية) الذي صدر مؤخراً في 16 صفحة من القطع المتوسط عن دار (تكوين للنشر والتوزيع) والذي ضم مقالاته وطروحات قدمها في عدد من وسائل الإعلام ودور الدراسات.
الكتاب قدمه الشاعر الأديب أحمد أبو دهمان بعبارة واحدة (هذه النصوص كتبت كي نرى، كاتبها كان يرى قبل الرؤية وما زال يرى ويرينا)، وهو ما يمثل تقديماً جديداً في النشر العربي، اتساقاً مع محتوى الكتاب الذي انتهج وضع عبارات ارتباطية مع كل مقال، تمثل لوحدها معرفة وفكرة إضافية.
بين دفتي الكتاب يطرح الكاتب عدداً من الرؤى التي يعتقد أنها يجب أن تأخذ طريقها لدعم تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ومن ذلك يتناول الكاتب العوامل التي يعتقد أن الأمير محمد بن سلمان امتلكها ودفعته للنجاح، فهناك عوامل داخلية تخص شخصيته وهناك عوامل من خارج شخصية استثمرها لتشكل قراراته منعطفاً تاريخياً في المملكة العربية السعودية، أولها تأييد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، لتلك الرؤى والقرارات ودعمها بصلاحياته كونه رأس الدولة وضمان استقرارها.
وفي الرؤية يعتقد الكاتب، أنه آن الأوان لإعادة هيكلة القضاء ليس من ناحية تطويرية، بل هيكلة تنظيمية، لا تفرق بين القضاء الشرعي والقضاء المالي والإداري، بحيث يكون التقاضي تحت سقف واحد، ويكون القضاء من خلفيات مختلفة، يختص القضاة ذوو الدراسات والخلفيات الشرعية في قضايا الأحوال الشخصية مثلاً والمواريث وغيرها، ويكون لدينا قضاة من خلفيات قانونية ومالية وخلافه، ولهم سلطة القاضي الشرعي ومميزاته ويعملون جميعًا تحت سقف واحد.
وفي جانب معالجة الفساد، يرى الكاتب أن الركيزة الأولى هي (تكافؤ الفرص)، غياب تكافؤ الفرص يولد فساداً مضاداً، حيث تلجأ إليه الفئة المتضررة من الغياب وتقبل الرشوة أو تدفعها على سبيل المثال لتعويض ما فاتها من الفرص، وهنا يصبح الفساد عملاً مؤسسياً يقع في حباله بعض أفراد المجتمع.
وفي الجانب الاجتماعي أيضاً، يقترح الكاتب خمسة مؤشرات لقياس حقيقة تجاوز المجتمع للفكر المتشدد، مستنداً في ذلك إلى أن حضور فئات المجتمع لفعاليات الترفيه والسياحة في المدن السعودية، مؤشر جيد لكنه لا يلامس مناطق التفكير والقرار لدى الأفراد، وبالتالي نحتاج لمؤشرات محددة تقيس ذلك، وتكون من جهات أخرى إلى جانب مركز الملك عبدالعزيز للحوار الفكري الذي يؤدي أعمالاً إيجابية في هذا الصدد.
أيضاً ينبه الكاتب إلى خطورة الفكر المتشدد الذي وجد في بعض التطبيقات متنفسا له مثل (واتس آب) حيث يمكن من تداول الأفكار والأخبار المزيفة دون مسؤولية قانونية على صاحب الفكرة، لأن التطبيق لا يحفظ اسم المصدر الأول.
في الاقتصاد، يرى الكاتب أن الدول التي تعاني من ضيق اقتصادها ودعم وجود طاقة استيعابية للمشاريع فيه، هي التي تدفع لتحويل أموالها إلى محافظ استثمارية، غير أنه في الدول الكبيرة جغرافياً واقتصادياً، تكون المشاريع المولدة للوظائف والداعمة للتنمية هي صاحبة الأولوية، ذلك في عنوان (الماليون لا يملكون الحكمة وحدهم).
الكتاب يتناول قضايا ملحة مثل القوة الناعمة لدى المملكة العربية السعودية والثقافات المتنوعة التي كادت تندثر في عقود سابقة بفعل التطرف الفكري، ويرى أنه الوقت موات لإعادتها للمشهد لأنها تمثل قيمة مضافة للمملكة، جاء ذلك في عدة عناوين بينها (القوة الناعمة العلامة التجارية لدول المستقبل).
لم ينس الكاتب هموم الصحافة الورقية، ويرى أن التحدي الذي تواجه الصحافة هو تحد عالمي وليس حكراً على منطقة من العالم دون أخرى، وذلك لتنامي تقنيات الإعلام، ومستشهداً في ذلك بمقولة للإعلامي الكاتب عبدالرحمن الراشد في ورقة عمل قدمها في أحد المؤتمرات: المهنة باقية، تقنيات الصحافة هي التي تتغير.