محمد جبر الحربي
مُلقَىً،
وعَبْلةُ لا تُفَارِقُنِي.
لكأنَّ رأسِي خِدْرُهَا،
ويَدِيْ أصَابِعُهَا
تُزيلُ اللَّيلَ عنْ عَيْنَينِ واسِعَتينِ،
أقرأُ في سَوَادِهِمَا وأكْتُبُ حِينَ أكْتبُ دَمْعَتينِ:
فَخِدْرُها وَطَنٌ،
وعَيْناهَا يَدَانْ.
مُدنٌ تُعَلِّمُكَ الكِتَابةَ والحَدِيثْ.
مُدنٌ تُعَلِّمُكَ الرِّهانَ وكيفَ تَخْسَرُ في الرِّهانِ
وكَيْفَ تَركُضُ مِن طُفولتكَ الفَقِيرةِ
وارْتِعَاشِكَ فِي الحِجازِ:
« الطَّائفِ « الجَبَليِّ،
والمَاءِ الرَّضِيِّ،
إلـَى ارتِعَاشِكَ في سَوَادِهِمَا..
زمَانٌ غَامِضٌ،
والجُوعُ وِدْيانٌ مِنَ الحُزْنِ الحَثِيثْ.
لكنَّ عَبْلةَ لا تُفَرِّطُ بالحَديثْ..!
يَا عَبْلُ بي جُوعٌ وطَرِفي لمْ يَنَمْ.
لا السَّيفُ سَيْفِي فِي الغُبارِ
ولا القَدَمْ،
فَعَلامَ يَحْتَاطونَ مِنْ لَوْنِي
ويُرْعِبُهمْ لِسَانِي،
وأنَا السِّنينُ تَمُرُّ لمْ أبْرَحْ مَكانِي
وأنَا القَصِيدَةُ لمْ تَتِمْ..؟!
مُلْقَىً،
حِذَائِي تحتَ رَأسِي
والسَّمَاءُ خَفِيضَةٌ ولصِيقَةٌ بِفَمِي،
وذاكَ دَمِي تَعَطَّلَ عنْ مُجَارَاةِ الهَواءِ،
فمَنْ يُكَفِّنُ أنْجُمِي السَّقَطَتْ..؟
ومَنْ ذَا شَافِعٌ لخَطِيئةِ الأعْرابِ
مَنْ يُؤوي الفُجَاءةَ
فِي نَهارٍطَلَّقَ التَّاريخُ دَورَتَهُ،
وقبْلُ.. تَقَاسَمَ الأحْزابُ ثَورَتَهُ،
فمَا مِنْ جُذْوَةٍ لخُطَايَ،
مَا مِنْ رُقْيَةٍ لَخُطَى الصَّبَاحِ المُظْلِمِ..؟!
قُطْعَانُ قَلْبِي
لمْ تَجِدْ مَرْعىً يَلِيقُ بِجَائعٍ
وطُيورُ عَيْنِي دونَ مَاءْ.
- الآنَ نَعْرفُ سِرَّ هذَا الثَّقْبْ
في جَسَدِ السَّماءْ.
قُطْعَانُ قَلْبِي دُوْنَ مَاءْ،
- الآنَ نَعْرِفُ سِرَّ هَذَا الرُّعْبْ.
قُطْعانُ قَلبِي والعَصَافيرُ الصَّغيرةُ دونَ مَاءْ،
- الآنَ نَعْرِفُ سِرَّ هَذي السُّحْبْ.
قُطْعَانُ قَلْبِي دونَ مَاءْ:
أسْلَمْتُ مَاءَ قَصِيدَتِي
لقَوافِلِ الفَقْرِ البَطِيءِ
وكانَ أوَّلُها فَمِي:
يا دارَ عَبْلةَ بالجُوَاءِ تَكَلَّمِي..
... ... ...
الرياض/ 87