غالباً ما نجد أخطاء فادحة في بعض تدوينات الرحالة الغربيين الذين زاروا المنطقة في القرون السابقة، فهي ليست حالة واحدة على حدة، بل حالات كثيرة تحتاج إلى دراسات أعمق وأشمل، قبل نقل أي معلومة عن موضعها وعن سياقها الطبيعي.
لم تكن مشاهدات وانطباعات الرحالة نصوصاً مقدسة لا تقبل النقد والتصحيح، بل هذه المواد بطبيعتها عرضه للنقد والتصحيح سواءً على الصعيد المكاني أو الزماني، وتتبع سير الرحلة جغرافياً مهمة منذ خط الانطلاقة إلى خط الانتهاء رغم المبالغات التي تعطي أحياناً أي رحلة إضاءات وأبعاداً مختلفة عن حقيقتها، فهناك رحلات عديدة ومختلفة في وسائلها وأدواتها وأهدافها، بمعنى الرحلات الاستشراقية البحرية تختلف عن الرحلات البرية التي عادةً تنطلق من مصر أو بلاد الشام أو العراق عكس الرحلات البحرية التي تنطلق أحياناً من الهند وإسبانيا وغيرها.
أصبحت كتب الرحالة والمستشرقين مصدراً مهماً في تاريخنا رغم المبالغات، ورغم الأخطاء، ورغم بعض الكراهيات، أو الجهل بهذه المجتمعات وطبيعتها الحياتية الخاصة، قلّما نجد من كتب عنها من المستشرقين بدقة لذا أي ورقة أو وثيقة تخص هذه المجتمعات تحتاج إلى دراسة ونقد وإيضاح أكثر قبل نشرها أو تناولها، فنصوص الرحالة المستشرقين تبقى نصوصاً مهمة، ولكنها ليست مقدسة.
** **
- أسامة الفليّح