د. خيرية السقاف
الليلة كانت قمراء، والنسيم كان عليلاً، وشجرة التفاح تتدلى أغصانها على رأسيهما، وهما يتأرجحان على مقعدين متحركين إلى الأمام وإلى الخلف، يتبادلان الحديث تارة، ويتأملان القمر تارة أخرى.. وكلما استقبلا الأمام تماست جبهتاهما بحبات التفاح!..
الأول يتأفف زافراً هواءً من صدره ضيقاً بها..
أما الثاني فكان يبعدها بلطف عنه، ويذهب يدندن أغنيته الأثيرة بصوت خفيت!..
غضب الأول من التفاح، فمد يده نحو الغصن، وانتزع الحبات منه بقوة، ثم قذف بها بعيداً خارج سور الحديقة التي يعلو جوانبها سور مكلَّل بمصابيح هادئة يذيب ضوءها قمر يتجلَّى قريباً منهما، أما الثاني فيحسب أن القمر أقرب إليه من حبات التفاح لذا يشاطره الغناء..
في لمحة من الوقت توقف مغادراً الأرجوحة، مسرعاً إلى خارج السور، ليعود وفي يده حبات التفاح التي طوَّح بها لخارج السور الأول..
وضعها في حجرالأول ثم طلب إليه أن يعتذر منها، وإلا فهو لن يواصل الجلوس إليه!
أمجنون أنت؟ تطلب مني الاعتذار من التفاح الجامد الذي لا يتكلم؟
لكن هذا أشار إلى القمر وهو يقول له: سله، اسأل القمر، فهو من سيؤكد لك بأنك أوجعت التفاح، وأصبته هو بدهشة..
فغر فمه؛ القمر يندهش؟ التفاح يتوجّع؟! يا لغبائك يا أخي، وقهقه بسخرية،
أجابه وهو يغادر المكان، تاركاً التفاح في حجره:
القمر اللحظة شاهد عليك، والتفاح!..
وذهب!...
* * *
ق.ق