نوف بنت عبدالله الحسين
بعد تجارب جميلة في الذهاب إلى السينما، إلا أن تجربة الحضور لمشاهدة فيلم (وُلِد ملكاً) كان من أجمل وأروع التجارب، حيث حظيت بالمشاهدة الأولى من قبل صديقتي المثقفة أ.أسماء العبداللطيف وكانت باللغة العربية، وحرصت أن أشاهده مع بناتي مرة أخرى ولكن باللغة الإنجليزية، وإن كانت نفسي التي عقدت المقارنة، مالت للفيلم الأول، إلا أن التجربتين مبهرتان.
ولد ملكاً ليست فقط قصة ملك عرف بفرداته وتميّزه وحبكته السياسية وقوّة خطاباته ومآثره العظيمة، بل هي قصة ملهمة جداً للنشء الجديد، حين ترى طفلاً في عمر 13 عاماً يكبح رغبات الطفولة، ويذهب إلى مهمة ثقيلة جداً، ليساهم في تغيير قرارات مفصلية، ويواجه الفجوة الكبيرة بين بلاده التي تعاني من أزمات سياسية شديدة وبين دولة عظيمة كإنجلترا، كل هذا وهو يحافظ على هويّته الوطنية، ومبادئه الدينية، وفي المقابل سرعة بديهته وقدرته على التصرّف بحكمة رغم حداثة السن يبرز لنا كيف أن الثقة المبكرة في قدرات الأبناء تصنع المسؤولية مبكراً، حين نكلّفهم بمهام جسيمة، فقد يشعروا بقوّة وأهمّية المسؤولية وبالتالي يكونون أمامها جديرين وقادرين.
من المشاهد العظيمة، كانت مشاهد الصلاة التي تكررت كثيراً، وعززت الجانب الديني في الفيلم، وهي رسالة عظيمة غير مباشرة، فالله أكبر تصدح هنا كسلام وطمأنينة وروحانيّة عظيمة.
جمال الأزياء السعودية ظهرت بشكل جذّاب ويدعو للاعتزاز والفخر، التآخي الجميل ما بين الخادم والأمير، والانفتاح الفطري لتقبّل الثقافات المختلفة، واحترام الآخرين، واتخاذ القرار الحاسم، والكثير من الرسائل والقيم التي غطت جوانب الفيلم بأجمل ما يكون.
وبالتالي، فإن السينما رسالة عظيمة، يمكن استثمارها كما يجب لإثراء الجانب الثقافي الإنساني، ومصدر قوي لعبور القارّات وإيصال الأفكار، وها هو ولد ملكاً يتحدث بصوتنا نحو العالمية، وفي إرث تاريخنا المجيد والذي يدعو للفخر و الاعتزاز.
أنصح الأهالي، والمدارس، والمربين بأن يستفيدوا من تجربة السينما وأن يذهبوا إلى هناك لمشاهدة فيلم (ولد ملكاً)، أن تكتب التقارير حوله، وأن نخاطب الجيل بلغته في تاريخ أجدادنا وقيمهم، وأن نجد بيننا لغة مشتركة ونستفيد من الإمكانيّات التي تجعلنا نفتخر بما لدينا، ونكمل مسيرة العظماء، للارتقاء نحو القمة في كل الميادين.