ميسون أبو بكر
التواصل الحكومي أصبح نهجًا تنتهجه المؤسسات الحكومية في ظل تطور وسائل التقنية التي سهلت هذا الأمر، وقد لمسنا تواصل المسؤولين مع متابعيهم في تويتر وتفاعلهم مع القضايا المختلفة التي تخص المواطن الذي يمكنه أن يكون شريكًا في اقتراح الحلول والإشارة إلى المعاناة.
ولأنني أثق بمعالي الأستاذ أحمد الراجحي وزير العمل وأنا التي أرقب النشاط الجبار الذي تقوم به وزارته، لذلك وبعد الهروب المتكرر للخادمات الأندونيسيات ومعاناة الأسر نتيجة هروبهن أقترح ومعي مجموعة من كاتبات الرأي مناقشة الموضوع مع الوزارة واللجان المكلفة بهذا الأمر، وأيضًا الشركات التي لها الآن عامان في تجربة تأجير الخادمات شهريًا أو سنويًا، بخاصة أن معدلات هروب الخادمات والسائقين وصلت لنسبة عالية جدًا ويحتاج إلى إعادة النظر سواء باستقدام الخادمات من دولة أندونيسيا أو بالشروط وبنود العقد، كذلك بالمبلغ المبالغ فيه الذي تتقاضاه الشركة عن العامل أو العاملة.
كلنا ندرك أن هروب الخادمة لا يقتصر فقط على ترك مكانها شاغرًا ومدى حاجة الأسرة لخدماتها، بل كذلك يُدخل الأسر في إشكالية رحلة البحث عن أخرى وإمكانية الحصول على بديلة رغم وعود الشركات بتوفير أخرى مباشرة.
من واقع تجربتي الشخصية مع الشركة التي تعاقدت معها كانت شركة ناجحة بكل المقاييس بخاصة توفير خادمة فورية بعد هروب الخادمة الأولى ودون أي شروط تعقيدية، كما فعلت شركة أخرى مع زميلة لي حيث لم تتوفر أخرى قبل شهر رغم التواصل اليومي المتكرر بينها وبين الشركة وإلحاحها الشديد وشرح صعوبة الحال، كما تعطل زميلتي عن عملها لعدم قدرتها ترك الأطفال وحيدين في المنزل دون وجود العاملة المنزلية برفقتهم. أضف الشرط الذي وضعته الشركة تعسفيًا لدفع 5000 ريال من قبل العميلة للشركة بسبب هروب الخادمة عندها على الرغم أنها ليست السبب في هروبها بل المتضرر الأول من الهروب.
ذكرت القصة السابقة لأنها تمثل معاناة شريحة كبيرة من المجتمع، وإذ أتحدث عن هذا الموضوع وأتبناه فلأن الكاتب هو صوت مجتمعه ونبض معاناته.
المشكلة الأخرى لهروب العمالة هو في الوقت والجهد الذي كلف العميل في تدريبه وتأهيله للعمل في منزله والذي يستلزم جهدًا مماثلًا في كل مرة مع مستخدم آخر.
قصة الهروب من المنزل ينم عن عدم مسؤولية العامل وخيانته الأمانة، حيث ترك المنزل عرضة للسرقة والأطفال دون مرافق وهو استهتار كامل بوضع العميل، وأنا أتكلم هنا عن عمالة من المفروض أن تكون مدربة ومؤهلة لأن المشرف عليها الشركات المعتمدة لدى الوزارة والتي تتقاضى ما يعادل ثلثي راتب العاملة شهريًا.
في هذا الموضوع الذي لم نجد له الحلول المناسبة حتى الآن تقع الشراكة على جهات عدة، منها وزارة الداخلية وطريقة التعامل مع العاملة الهاربة، لأن تسفيرها ليس الحل بل هو دافع قوي لبعض الخادمات لتجربة الهروب لأنهن وبعد فترة معينة من العمل كمخالفات برواتب أعلى؛ يسلمن أنفسهن ليتم تسفيرهن؛ ولو كان هناك عقوبة بالسجن والغرامة وعدم السماح بالعودة للعمل في المملكة (والأخيرة مطبقة حسب علمي) لكان تفكيرها بالهرب مستحيلًا، كما فرض غرامة وعقوبة رادعة لمن يشغل المخالفين والمخالفات.
قبل فترة خاضت الدولة حملات مكثفة عنوانها «وطن بلا مخالف» وهي حملة آتت ثمارها، لكن يصعب حسب ظني تطبيقها في حالة العاملات الهاربات لأن القوانين الجديدة للشركات تقضي بإبقاء جوازات السفر والإقامات بحوزتهن ويمكنها التنقل بها دون إثارة الشك حولهن، وهذه سببت لنا إشكالية كبيرة ولا بد من إعادة النظر فيه، لأن بعض القوانين يمكن تطبيقها في الغرب ويصعب تطبيقها في مجتمعاتنا ومع العمالة الآسيوية نتيجة الفرق الكبير في التفكير والثقافة.
الموضوع متشعب وذو شجون وله وطأته على الاقتصاد والأمن والمجتمع، وأطالب باسم مجموعة من زميلاتي كاتبات الرأي عبر هذه المنصة بمناقشة الموضوع مع وزير العمل لإعادة النظر في تطبيق هذا الموضوع بما يتناسب مع مجتمعنا ووضعنا والعمالة التي نتعاقد معها.