هيفاء الفاضل
أكاد أجزم أن لا أحد منَّا لم تصله رسالة يوماً ما على الواتس أو مكالمة أو مسج خاص يطلب منه المرسل أو المتصل التصويت لابنه أو أخيه أو أي شخص يعرفه. تصويت ليحصد أصواتاً أكبر ويحصل على اللقب أو الجائزة الموعودة. من الجميل جداً أن ترى تفاعل المقرّبين له بدافع المعزة أو المحبة أو خجلاً من رفض الطلب فيتوجهوا لا إرادياً بالضغط على الرابط المرسل واختيار الرقم المحدد من قِبل المرسل للتصويت له وبدون أن يكلفوا أنفسهم عناء معرفة ما هو العمل وما هي جودته أو أين هو مقارنة مع غيره؟ وهل يستحق الفوز؟ ومن الأساس هل يستحق إعطاءه صوتي أم لا؟ من وجهة نظري هي ممارسة خاطئة وتصرفٌ صدر بنيّة طيبة ولكن فيه من الظلم الكثير لغيره من المتسابقين الذين ربما أفنوا حياتهم لإنجاز بحث أو بذلوا الغالي والرخيص ليرسموا لوحة مميزة أو بذل كل مجهوده وسخر كل طاقاته ليلتقط بعدسته اللامعة صورة يستحيل أن تجد في تفاصيلها وجمالها ودقة وضوحها مثيلا.
ومن الجدير بالذكر أن نوضح أن مثل هذه الممارسات قد تسهم في تعليم أجيالنا القادمة أن الفائز ليس الأفضل ولا المجتهد ولا المبدع، بل هو من له ظهر وسند وينتمي لقبيلة ما أو لأنه قريب من شخص نعرفه أو من تواصل مع مشهور يدعمه. الصوت أمانة فلنتعلم أن نقول لا لمن يطلبنا مثل ذلك وأن نقرّر التصويت بناءً على مشاهدة كل الأعمال المقدَّمة فإن كان يستحق التصويت فعلاً فصوّت له وادعمه وإن لم يكن ذلك فلا تظلم نفسك وتظلمه بفوز لا يستحقه وتهضم حق غيره ممن كان يستحق الفوز ولكن لم يجد من يدعمه. ممارسات بسيطة نفعلها خلال يومنا ومن دون تفكير مسبق، فما هي إلا ردة فعل متسرّعة من غير حساب لعواقب قد نجنيها مستقبلاً وسلوكيات خاطئة قد نبنيها في صغارنا مع الوقت بدون أن نُعير لها بالاً.
وأخيراً،، تذكر أن صوتك أمانة فلا تكن سبباً لأن تحرم احداً من حقه وإن طلبك شخص ما أن تعطيه صوتك فتحجج بأن صوتك مبحوح.