عبدالعزيز السماري
لبنان تتحرك في اتجاه الخلاص من حكم الطوائف، لكن مشوارها صعب للغاية، فالطريق أمامها معبد بالألغام والجيوش والميليشيات غير النظامية، وهو حراك شعبي هدفه تحرير لبنان من المصالح الأجنبية، وقد ينجحون، وقد لا ينجحون، لكنه حراك لازال في طور المظاهرات، ولم يصل بعد إلى مستوى الثورة، وقد يصل في وقت آخر..
فالحل اللبناني يتطلب التغيير الجذري للهيكل الطائفي الحاكم في لبنان، وإذا تم تدميره، ستنجو لبنان من التبعية والفساد، وهو بمثابة عنق الزجاجة في تاريخ لبنان المعاصر، وقد تكون هذه المظاهرات مقدمة للثورة الحقيقية، فما يجري في لبنان يستحق التأمل، ولا يُعقل أن تكون تحكم دولة طوائف ومندوبين سياسيين لدول خارجية في بلد صغير جداً..
كذلك لا يمكن وضع تاريخ محدد لبدء ثورة ما في بلد ما، فالثورة كالموت تأتي من حيث لا تدري القوى، وتقوم على مراحل، وقد تناولها الفلاسفة مثل توماس هوبز بشأن حق الناس في الدفاع عن أنفسهم ضد السيادة إذا كانت حياتهم مهددة، فإن نظريته للعقد الاجتماعي تعرض هذا الحق الوقائي ضد الإكراه والقمع والإفلاس الاقتصادي كتمسك سياسي ضروري للحق الطبيعي غير القابل للتصرف للأفراد في الحياة..
يظل الاقتصاد هو المحرك الأهم لغليان الشارع، ولذلك يجب أن يكون أقوى خطوط المناعة ضد غضب وهيجان الناس وخروجهم عن خيار الحكمة، فإذا آمن الإنسان معيشته، لا يفكر في الانتحار واقفاً في الطرقات، وهو ما يعني أن تعي الحكومات المسؤولية الاجتماعية في حماية المجتمع أمنياً ومعيشياً..
وجه الخطورة في لبنان هو حزب الله، وهو القوة التي تجاوزت حدود بلادها، في الخروج إلى سوريا لإخماد الثورة الشعبية السورية، وشاركت في قتل الشعب السوري بسبب خوف الحزب في اختفاء الدعم اللا محدود من النظامين السوري والإيراني، والآن بدأت ظهور طلائع الثورة الشعبية في بلاده، فهل سيخرج في الشوارع لقتل الناس المتظاهرين.
في كلمته المتلفزة هدد بشيء من ذلك، ولو تطورت الأحداث سترى لبنان وجه حزب الله الحقيقي، والذي ظهر دمويا في أراضي سوريا لقتل الشعب المغلوب على أمره، والباحث عن حريته واستقلاله، والآن دار الزمن ليواجه رغبة شعبه في التغيير والخروج من الطائفية اللعينة، فهل سيقاتلهم في الشوارع أم سيرمي على تجمعاتهم البراميل المشتعلة!
على اللبنانيين والسوريين أن يدركوا أن المدنية هي البديل الحقيقي للطائفية، وأن الانتقال من حكم طائفي إلى طائفي آخر سيؤدي إلى نفس النتائج، ويبدو أن الأيام حبلى بالتغيير الحقيقي في دول الشمال العربي، وقد نشهد دول مدنية ديموقراطية وغير طائفية في وقت قريب..