فوزية الجار الله
يحدث أحيانًا أن تصادف مشهدًا مستهجنًا يحدث أمامك، يبدو مخالفًا لقوانين الكون وللطبيعة، قد يكون ذلك واضحًا في السلوك أو المظهر، ماذا لو رأيت أخطاء واضحة ينبغي إصلاحها، إذ من المحتمل جدًا أن تمتد آثارها السلبية إلى سنوات قادمة ليكون مؤثرًا على الحياة بأكملها..
صادفت مؤخرًا أثناء رحلة خارج حدود الوطن وأثناء وجودي في أحد المطاعم المتواضعة مشهدًا لعائلة عربية (على الطاولة المجاورة لي) عبارة عن زوجين شابين ترافقهمها طفلتيهما التوأم اللتين تبدوان من مظهريهما أنهما لا تتجاوزان نهاية الرابعة من العمر، ترافقهم سيدة أكبر عمرًا علمت فيما بعد بأنها «الجدة والحماة»، أم الزوج، الطفلتان التوأم ترتديان الملابس ذاتها وقد تم تجميلهما بتسريحة الشعر ذاتها، وهي عبارة عن ذيل حصان قصير، كانتا تمارسان شقاوة الأطفال المعتادة، تقفان على كرسييهما، تتحدثان كثيرًا، تستعجلان حضور الطعام وما إلى ذلك..!
الأم والأب تهددان الطفلتين بين الفترة والأخرى بأن الشرطي سيأتي إليهما هنا إن لم تتوقفا عن إصدار الأصوات «الشرطة بأكملها لأجل إخماد براءة الطفولة»..
بعد قليل تصاعد صوت إحداهما عاليًا وقد قاربوا الانتهاء جميعًا من تناول أطباقهم.. أقبل النادل «الشاب الصغير» إليهم محدثًا صاحبة الصرخة، إن لم تتوقفي عن رفع صوتك سوف أستدعي الشرطة الآن»!!
ارتجفت الصغيرة خجلًا وخوفًا من الغريب ووضعت رأسها في حضن أمها.. قالت الأم وهي تبتسم للنادل مؤيدة دعمه في تربية الأطفال، هذه ليست بنت هذا ولد اسمه: حَسَنْ «الاسم افتراضي اخترعته أنا للتمويه»، اكتفى النادل بابتسامة، تراجع قليلًا إلى الوراء ثم عاد إلى عمله!
يا للهول!! الطفلان توأم، ولد وبنت وقد عمدت الأسرة إلى إضفاء الهيئة (البنّاتية) نفسها عليهما، هناك حلق واحد في أذن الولد انتبهت له جيدًا بعد حديث الأم بأنه ولد وليس بنتًا!! إذًا لم يعد الخطأ الشنيع في تربية التوأم هو التهديد بإحضار الشرطة لإخراسهما وإنما هناك خطأ تربوي أكثر فداحة ربما يمتد أثره السلبي إلى سنوات قادمة.. فقد اطلعت وقرأت الكثير حول ذلك وهو أن التربية الخاطئة هي أحد أسباب تحول الشاب بمنتهى السهولة إلى الجنس الآخر في أحد مراحل عمره «مرحلة البلوغ غالبًا»، إذ إن أسلوب التربية الخاطئ يؤثر كثيرًا في عقله الباطن ويكبر ذلك الإحساس معه فلا يستطيع الخلاص منه حين يكبر..
استغرقت في محاورة بيني وبين ذاتي، هل أتجرأ وأتحدث مع أحد أفراد العائلة الكبار ولعل الأم هي الشخص الأكثر مناسبة للحديث معها أم أكتفي بالصمت؟!
في النهاية توصلت إلى نتيجة بيني وبين ذاتي، فإما أن تكون العائلة بأكملها غارقة في الجهل وعليه من الصعب الدخول معهم في حوار، وإما أن يكون لديهم علم ولهم قناعات أخرى مختلفة لا شأن لي بها..؟!
ربما تدخلين في صداع أنت في غنى عنه!!
غادرت الموقع والأسئلة تطوف برأسي.. هل فعلت الصواب أم أنني قد ارتكبت خطأ حين اكتفيت بالصمت؟!