د.ثريا العريض
قيل: بل تتبعون الوجوه؟
فتبعنا الوجوه
وأضعنا حروف اسمنا في الرمال المحيقة
وظللنا بأودية الصمت عمرًا نتوه
نصدق ما قيل عنا وعنها
كل التهاويل.. كل الخطايا..
وألفنا الوجوه الكئيبة
والوجوه الغريبة
والوجوه الرهيبة..
والقاسية
وتلك التي عشقت نفسها في المرايا
والتي نصبت نفسها
كالطوال الأوائل.. آمرة ناهية:
(لِتعشَ العيون
تطفئ أحلامها لا ترى
فالعين حين ترى تتمرد
وقد تشتهي وتحاول
وتدرك أن المحال.. يطال..!)
فأطفأ كل قناديله وتبلد
لم يعد للسؤال القديم ظلال
واختفى الحرف في الظلمات العميقة
وانصرفنا نشيد أعمدة وهياكل
نرتل فيها الأغاني العتيقة
نشعل فيها المباخر بالعود والند
نضمخها طيّب العطر والغالية
فلم يطمس العطر رائحة الأرض
ظلت بأنفاسنا باقية..!
حينما ينتهي زمن العشق في الصمت
والغثيان الرهيب ستصحو
وتلمع في أفقنا نجمة الصبح
تبدأ في ومضها تتساءل:
«من ترى كان في البدء؟
من ترى سوف يبقى أخيرًا؟
هل يجد جديد مع الشمس
والأرض لا تتجدد؟..»
ثم يعلو السؤال
مع الفجر يعلو السؤال
يشتد.. يمتد..
وتبدأ كل التماعاته تتداخل
افتحوا الآن أعينكم
لموا حروف اسمكم
فالأرض في صدرها حفظتها لكم
واقرؤوا الآن سفر الحقيقة:
«كل ما كان أمس جديدًا مثيرًا
في امتحان القرون اهترأ ثم زال
والذي شيدته السواعد
حبًّا وغصبًا تبدد
والصخر يشهد
والرمل يشهد
لا تظل الوجوه إلى الغد
بل يظل التراب هنا
أولاً.. وأخيرًا.