أحمد المغلوث
عندما كنت أعد وأحرر صفحة (فنون تشكيلية) بالزميلة اليوم في التسعينات الهجرية بملحق «المربد» كتبت أكثر من مرة مطالباً بوجود «تحف لفننا المعاصر» وكررت ذلك في زاويتي «المرايا» التي كنت أكتبها في «الرياض» قبل عقود. واليوم أكتب هذه الزاوية ونحن نعيش فرحة بسعة الوطن.. أكتبها في «الجزيرة» التي كانت قد نشرت لي أول مقاله عن نادي «الفتح القادم إلى النصر»، فكم هو جميل أن أكتب عن هذا الحلم والتطلع والفرحة ونحن نتابع هدية وزارة الثقافة للوطن وفنانيه ومبدعيه بالتعاون مع هيئة تطوير بوابة الدرعية على تأسيس المتحف السعودي للفن المعاصر في حي البجيري بالرياض، وذلك في سياق تطوير الدرعية كمركز ثقافي وترفيهي وسياحي؛ وجعلها وجهةً مفتوحة للعالم، غنية بالاكتشاف، وتشجع التعبير الفني الخلاّق.
وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام فإن وزارة الثقافة الموقرة كانت قد وقّعت مذكرة تفاهم مع هيئة تطوير بوابة الدرعية للتعاون في تنفيذ مشروع المتحف الذي سيتم تصميمه وفق مفهوم إبداعي حديث متأثر بالطراز المعماري المحلي التقليدي.. كلام جميل والأجمل منه أحبتي: أن المتاحف الفنية لها رسالة عظيمة لا تقل أهميتها عن التعليم والتوعية ونشر البرامج الثقافية. يؤكد ذلك سعي ملايين من شعوب العالم للسفر إلى الدول التي توجد بها المتاحف الفنية والتاريخية المختلفة.. بل إن هذه المتاحف تدر مئات ملايين الدولارات سنوياً لدولها.
والمتاحف كما لا يخفى عليكم تساهم في رفع مستوى الذائقة الفنية وترتقي بالذوق العام لدي كل من يشاهد محتويات المتاحف.. وكل من أتيحت له الفرصة لزيارة المتاحف في الدول الخليجية والعربية والعالمية لاشك أنه شاهد العدد الهائل من المترددين عليها طوال أيام السنة.
وهناك دول تخصص أياماً خلال أيامها الوطنية أو مناسبات الأعياد لإتاحة الفرصة للجميع لزيارة متحفها مجاناً أو بمبالغ رمزية انطلاقاً من دورها الوطني والهام.. واليوم ونحن نعيش «موسم الرياض» الذي أدهش العالم ببرامجه وفعاليته.. فلنتصور عندما يبدأ المتحف (متحف فننا السعودي المعاصر) فلاشك فسوف يشهد إقبالاً كبيراً.. وبفضل الله لدينا من أبناء وبنات الوطن مئات الفنانين والفنانات الذين حققوا حضوراً إبداعياً على مستوى العالم ومنذ عقود.. واليوم نجد أن بلادنا باتت «ولادة» بكل إبداع يشاهد ويذكر ويشكر.. ومعالي وزير الثقافة سمو الأمير بدر وسميه معالي الأستاذ بدر العساكر وغيرهما من كبار المسؤولين شاهدوا وسمعوا كلمات الإعجاب والتقدير لما أبدعه الفنان السعودي خلال رعايتهم لبعض الفعاليات في الداخل والخارج.. وبالتأكيد أننا وفي هذا العهد المزدهر بالعطاء والتنمية.. عهد الرؤية. وبدعم من قيادتنا الحكيمة استطاع الإبداع السعودي أن يسمو ويشمخ عالياً كنخيل الوطن، لا في وطننا فحسب وإنما في مختلف دول العالم التي شرفت بمشاهدة أعاملنا الفنية، فباتت لوحاتنا تقتنى هنا وهناك.. وما أروع أن يكون «دهننا في هريسنا»، كما يقول الأجداد.. فكثير من لوحاتنا مقتناة في بعض دول الخليج وحتى العالم. وماذا بعد لا أريد أن أطيل فتطيش بي العاطفة وأقول وأقول.. لكنني اكتفي أخيراً بالقول وبدون مجاملة: شكراً سيدي صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان ولي العهد الأمين.. وشكرا لسمو الأمير بدر وزير الثقافة الذي حقق لنا حلماً، كان يداعب خيالنا.. وبات اليوم حقيقةً.