د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
وفقًا لصندوق النقد الدولي فإن نسبة نمو الناتج الإجمالي الحقيقي في المملكة في عام 2018 كانت أعلى دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.2 في المئة؛ وبذلك ارتفعت نسبة الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي في السعودية من 1.4 في المئة في عام 2017 إلى 8.3 في المئة عام 2018، لكنه انخفض في دولة الإمارات من 6.9 في المئة إلى 6.6 في المئة، لكن يظل إجمالي الصادرات في الإمارات أعلى من السعودية بنحو 316 مليار دولار نسبة إلى 260 مليار دولار في السعودية؛ وهذا راجع إلى ارتفاع إعادة الصادرات في الإمارات إلى أكثر من 500 مليار ريال، فيما لم يبلغ في المملكة سوى 32 مليار ريال. كذلك ترتفع الواردات في الإمارات إلى 235 مليار دولار، بينما في السعودية 139 مليار دولار؛ وهو أيضًا راجع إلى إعادة تصدير هذه الواردات؛ وهو ما جعلها تتبوأ المركز الـ11 في مؤشر الخدمات اللوجستية، وبسبب غياب مناطق لوجستية يتم إرسال البضائع إلى جبل علي بدبي، ومن ثم تصديرها إلى السعودية برًّا، وكذلك إلى بقية دول الخليج؛ لذا يأتي ترتيب دولة الإمارات في التصدير إلى السعودية في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
لذلك أطلقت السعودية أول منطقة لوجستية في منطقة الخمرة في جدة على مساحة مليونَي متر مربع، وهي بمنزلة البذرة الأولى لتحويل السعودية إلى منصة عالمية للخدمات اللوجستية في التصدير، وإعادة التصدير والاستيراد بهدف زيادة الصادرات إلى تريليون ريال؛ وهو ما يعزز موقع السعودية الاستراتيجي؛ كونها محورًا دوليًّا للربط بين الشرق والغرب؛ باعتبار هذا الموقع الاستراتيجي ميزة نسبية، لكنه يحتاج إلى طاقات استيعابية متطورة في الموانئ وغيرها، ويوظف 15-20 في المئة من القوى العاملة في بعض الدول المتقدمة.
القطاع اللوجستي إحدى مبادرات رؤية المملكة باعتبار أن السعودية تمتلك عمقًا استراتيجيًّا، وبوابة تربط بين الشرق والغرب؛ تعبر عبرها التجارة الدولية عبر القارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا)؛ وبذلك تأتي منطقة الخمرة بوصفها أكبر منطقة لوجستية على ضفاف البحر الأحمر بمساحة تتجاوز 2.3 مليون متر مربع؛ لتتحول إلى منصة اقتصادية متكاملة، تؤثر في سلاسل الإمدادات لعمليات الإيداع الجمركي وعمليات إعادة التصدير. وستكون هناك منطقة أخرى بالدمام بمشاركة القطاع الخاص. وستشتمل المنطقتان على صناعات متعلقة بالخدمات اللوجستية، منها الصناعات الخفيفة والإلكترونية وصناعة السيارات، إضافة إلى الصناعات التقليدية مثل التخزين وإعادة التصدير.
ويمرُّ بالبحر الأحمر نحو 2.4 تريليون دولار من حركة التجارة العالمية باعتبار أن تلك المنطقة ليست فقط من أهم المحفزات الاقتصادية، بل أيضًا مهمة لقطاع الصناعة، وستسهم أيضًا في تعزيز المحتوى المحلي، وفي تطوير الصناعات الوطنية باستثمارات تفوق 1.7 تريليون ريال. وأيضًا يعزز ذلك توجه السعودية للتكامل مع الاقتصاد العالمي؛ لتصبح جسرًا بين الشرق والغرب؛ وهو ما سيولّد فرصًا وظيفية مباشرة وغير مباشرة، ويفضي إلى توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ويدفع بالتنمية الشاملة خطوات كبرى إلى الأمام، والإسهام في رفع ترتيب السعودية إلى المرتبة الـ25 وفق مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، وحققت كذلك مركزًا متقدمًا في التنافسية العالمية؛ إذ قفزت إلى المرتبة الـ36 إضافة إلى تحقيقها تقدمًا مهمًّا في مؤشر البنية التحتية للنقل من الترتيب الـ40 إلى الترتيب الـ30، لكن إيران ارتفع مركزها إلى الـ72، وكذلك العراق إلى الـ75. وكذلك مؤشر كفاءة خدمات القطارات من المرتبة الـ50 إلى الـ26 عام 2019. وقد تحققت هذه المؤشرات نتيجة العمل الدؤوب بهدف توفير مناخ مناسب، وتذليل جميع الصعاب لإيجاد فرص واعدة لتعزيز مكانة السعودية دوليًّا؛ لتصبح محورًا يربط القارات الثلاث.
كذلك تمثل نقلة نوعية في فتح آفاق جديدة للفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية المتميزة مع القطاع الخاص عبر خصخصة بعض الأعمال غير الجمركية في 2200، وذلك بالتعاون مع مركز التخصيص، مثل أعمال المناولة، وغيرها من الخدمات.